إذا كنا نقصد من ذلك كل ما يصل إلى الدم فإننا في الواقع سنضيف منافذ جديدة سنقف حتى عند قضية الامتصاص بالنسبة للجلد، لأنه من المعلوم أن بعض الأدوية المتقدمة باتت تلاحظ عملية الامتصاص هذه وتوصل إلى الدم عن طريق الامتصاص في الجلد استفادة من هذه الخاصية كثير من أنواع العلاج، وبالتالي لا أظن أن المدار فقط على موضوع الوصول إلى الدم. لذلك عنصر التغذية في الواقع بذاته يجب ألا يسيطر على البحث. يجب أن يسيطر على البحث موضوع تحقق الأكل والشرب بمعناه العرفي المستقر. ومن هنا عندما قال أئمة الحنافية: إن الفطر يتحقق بالأكل والشرب سواء أكان صورة أم معنى، أم معنى فقط، أم صورة فقط، حقيقة يقدم لنا ضابطًا يمكن في الواقع أن نطور في تطبيقات هذا الضابط على ضوء التقدم العلمي في كشف أين يكون تحقق الأكل والشرب بالمعنى المعروف.
هذا يدفعنا إلى إثارة نقطة تتعلق بموضوع الإبر في الأوردة واستثناء موضوع التغذية إذا كانت بمصل مغذ عند بعض الفقهاء، وقالوا بأنها لا تفطر إلا إذا كانت للتغذية. الواقع الأكل والشرب ليس قضية التغذية فقط، فيه قضية الإحساس بانقطاع الطعام والشراب بل هو مكتوب أو مقرر الامتناع عن الأكل والشرب. أنا عندما أتغذى عن طريق الوريد يظل إحساسي بالامتناع عن الأكل والشرب قائمًا، ولذلك نرى هؤلاء الذين يعالجون ويعطون الأمصال يتمنى أن توضع في فمه شربة ماء لأن إحساسه بالجوع والعطش مازال موجودًا، وخاصة أن الأحاديث النبوية قد أشارت إلى ذلك:((كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش)) . فإذن واضح أن هذا يجب أن ندخله في فهمنا، وليس قصرًا للموضوع على جانب معين بالإضافة إلى موضوع القصد والنية.