للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ عمر بن عبد العزيز:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

معالي رئيس مجمع الفقه الإسلامي

معالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي

أيها الأساتذة الفضلاء

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

في بداية الكلام أشكر سماحة الشيخ محمد المختار السلامي على إتحافه إيانا بهذا البحث العلمي القيم الدقيق، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل ذلك في ميزان حسناته وأن يوفقه وإيانا لما فيه رضاه.

تعليقي على هذا البحث بين أن ابن سيرين - رحمه الله تعالى - قاس المرض على السفر، أو أنه عبر بأنه سوى بين المرض والسفر، وهذا مفاده قياس المرض على السفر في إباحة الفطر في رمضان، والذي يظهر لي أن ابن سيرين - رحمه الله تعالى - دليله هو النص وهو قوله سبحانه وتعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ، والذي يدل على ذلك أنه عندما سئل قال: وجعت إصبعي. فالإجابة هو بيان لعلة الحكم، وأن العلة هو المرض. فإذا كان قد استدل بالنص بغض النظر عن قياسه هذا، وأما إذا كان قد استدل بالقياس بغض النظر عن النص الدال على الحكم في موضوعه فإن قياسه يرد عليه.

أتفق مع سماحة الشيخ السلامي في أن هذا القياس مردود، ولكن الذي يظهر لي أو الذي قد أختلف معه في رد هذا القياس: ما الذي يرد هذا القياس؟ هل يرده أن القياس مع الفارق، وأن هناك فرقًا بين المرض والسفر، أم أن الذي يرده هو أن القياس في مقابلة النص؟ فالذي يظهر لي- والله أعلم - أن الرد ينبغي أن يكون من منطلق كون هذا القياس قياسًا في مقابلة النص إن كان قد قاس. وأما إذا غض النظر عن النص الدال على حكم إفطاره بسبب ألم إصبعه فإن القياس - الذي يظهر لي والله أعلم - أن القياس قياس الأولى، لأنه أن كان قد قاس المرض على السفر، والسفر اعتبر مبيحًا للفطر نظرًا إلى أنه مظنة وجود العلة وهي المشقة فيه. وأما المرض - كما ذكر سماحة الشيخ السلامي - فهو العلة نفسها. ولا شك أن إفضاء العلة الحقيقية إلى الحكم أولى من إفضاء مظنتها إلى ذلك الحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>