للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- الفرق بين الذريعة والسبب:

السبب يلتقي في معناه اللغوي مع الذريعة في معناهما اللغوي لأن السبب في اللغة ما يوصل إلى الشيء كالطريق، ولهذا أطلق على الحبل لأنه يوصل إلى الماء، وفي القرآن الكريم: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ} [الحج: ١٥] .

أما في الاصطلاح الأصولي فإن السبب هو الوصف الظاهر المنضبط الذي دل الدليل على كونه معرفًا لحكم شرعي (١) . أو ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم.

وهو ينقسم إلى سبب يكون في مقدور المكلف كصيغ العقود والتصرفات واقتراف الجرائم وسبب ليس في مقدور المكلف كالقرابة سببًا للإرث، والإرث سببًا للملك، ودلوك الشمس سببًا لوجوب الصلاة (٢) .

والفرق بينهما ـ في ضوء ذلك ـ يأتي من جهة أن الذريعة لا تكون إلا بفعل الفاعل وقصده أحيانًا، وعلى هذا فهي فعل دائمًا كما أنها فعل في مقدور المكلف، أما السبب فهو أعم من أن يكون فعلًا كدخول الوقت لإيجاب الصلاة مثلًا، كما أنه إذا كان فعلًا قد يكون مقصودًا في ذاته بالتحريم كالقتل وشرب الخمر والزنى فهذه كلها أسباب لما يترتب عليها من مسببات ولكنها ليست ذرائع بالمعنى المصطلح عليه للذرائع لأنها محرمة لذاتها، فضلًا عن أن الذريعة ـ كما سلف ـ تنحصر في الفعل الذي هو في مقدور المكلف أما السبب فهو أعم من ذلك حيث يشمل ما هو في مقدور المكلف وما ليس في مقدوره.

بالإضافة إلى ما سبق فإن السبب يترتب عليه المسبب قصد الفاعل ذلك ولو لم يقصده بل يترتب ولو قصد الفاعل عدم ترتبه، وليست الذريعة كذلك فإنها في أغلب أحوالها مرتبطة بقصد الفاعل إلى إحداث الأثر المترتب على فعله.


(١) شرح العضد على مختصر المنتهى لابن الحاجب ٢: ٧، وإرشاد الفحول للشوكاني ٦.
(٢) مباحث الحكم الشرعي والأدلة المتفق عليها للأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي والكاتب ص ٧٦

<<  <  ج: ص:  >  >>