للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المذهب المالكي:

الرأي الأول: أن الدين يقضى بمثل ما وجب به تغيرت السِكة أو لم تتغير انقطعت أو لم تنقطع، جاء في المدونة في باب الرهن:

قلت أرأيت إن أسلفت رجلًا فلوسًا، وأخذت بها رهنًا ففسدت الفلوس قال: قال مالك: ليس لك إلا فلوس مثل فلوسك، فإذا جاء بها أخذ رهنه لأن مالكًا قال: من أسلف فلوسًا أو اشترى بفلوس إلى أجل فإنما له نقد الفلوس يوم اشترى ولا يلتفت إلى فسادها ولا إلى غير ذلك.

قلت أرأيت إن أتيت إلى رجل فقلت: أسلفني درهم فلوس ففعل، والفلوس يومئذ مائة فلس بدرهم، ثم حالت الفلوس ورخصت حتى صارت مائتا فلس بدرهم؟ قال: إنما يرد ما أخذ ولا يلتفت إلى الزيادة، قال: قال مالك: والشرط باطل وإنما عليه مثل ما أخذ (١) .

هذا النص من المدونة وقع فيه تدقيق بصورتين:

١- التصوير الأول: الذي صور به سحنون سؤاله، دقق فيه: إذ أضاف إلى عدد الفلوس أن الدائن ضبطها بالرهن، لأن شأن الرهن أن تكون قيمته قريبة من قيمة الدين، فكأن المقرض أو البائع يشعر بأن يرغب في التحصيل على قيمة ما أقرضه أو ما باع به لا دونه، فكان الجواب واضحًا = من أسلف فلوسًا أو اشترى بفلوس إلى أجل فإنما له نقد الفلوس يوم اشترى، ولا يلتفت إلى فسادها.

٢- أما التصوير الثاني: فإن التدقيق جاء من أن الآخذ " المدين " طلب من الدائن درهم فلوس، فالمدين هنا هو الذي يرى منه أنه يرغب في الاحتفاظ بالموازنة بين الدرهم الفضي والفلوس، مع أنه لم يقبض إلا فلوسًا، وقد يكون غرضه إما أن يطمئن الدائن، وإما أن يتوثق لنفسه بأن يكون دينه مائة فلس صرفها درهم وإن غلت، فكان الجواب واضحًا أنه لا يرد إلا مثل ما أخذ، والشرط الذي ربط به باطل لا أثر له إذا غلت الفلوس أو رخصت، وهنا يأتي السؤال على الملحظ الذي لحظه مالك.. وعلى ماذا بنى رأيه؟ هذا ما نجد الإجابة عنه في باب السلم.

قال سحنون: ما قول مالك فيمن أسلم دراهم في فلوس؟ قال مالك: لا يصلح ذلك، قلت: وكذلك الدنانير إذا أسلمها في الفلوس؟ قال: نعم لا يصلح ذلك. قلت: وكذلك لو باع فلوسًا بدراهم إلى أجل أو بدنانير إلى أجل لم يصلح ذلك؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأن الفلوس عين وهذا صرف (٢) .


(١) المدونة ج ٤ ص١٦٥
(٢) المدونة ج ٣ ص١٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>