للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففي حالة السلم ينشأ تفاؤل رجال الأعمال بالمستقبل فيزيدون من الطلب على عوامل الإنتاج. فإذا كانت هذه العوامل محدودة العرض فإن أثمان خدماتها سوف ترتفع، ويكون هذا الارتفاع ناشئاً بسبب الزيادة في الطلب عن العرض.

ومن ناحية أخرى حصول عوامل الإنتاج على دخول مرتفعة يزيد من طلبهم على السلع الاستهلاكية، وطالما أننا افترضنا أن عوامل الإنتاج عرضها محدود وأن أثمان خدماتها لم ترتفع بسبب ارتفاع الكفاية الإنتاجية وإنما بسبب زيادة الطلب عن العرض فإن كمية الناتج القومي لن تزيد، أي أن عرض السلع الاستهلاكية سوف يظل ثابتاً نسبيًّا، ويترتب على زيادة الطلب عن العرض في هذه الحالة ارتفاع أثمان السلع الاستهلاكية.

وهكذا نجد أن موجة التفاؤل الاقتصادي التي سادت النشاط الاقتصادي أدت إلى زيادة طلب كل من رجال الأعمال والمستهلكين مما يؤدي في النهاية إلى ارتفاع الأسعار، ويكون التضخم في هذه الحالة ناشئاً بسبب زيادة الطلب.

كما يحدث ذلك أيضاً في الدول النامية عندما تقوم الحكومة بزيادة الإنفاق على مشروعات التنمية التي تستغرق وقتاً طويلاً نسبيًّا قبل أن تؤتي ثمارها. في هذه الحالة تقوم الدولة بخلق قوة شرائية إضافية دون أن يقابلها زيادة في الإنتاج. هذه القوة الشرائية الإضافية تمثل فائضاً في الطلب. ويطلق على التضخم في هذه الحالة التضخم الناشئ عن فائض الطلب.

أما في حالة الحرب، وبالرغم من أن رجال الأعمال يساهمون في إيجاد هذا التضخم، إلا أنه ينشأ أساساً بسبب زيادة الطلب الحكومي، الذي يتمثل في زيادة الإنفاق الحكومي وتمويل هذا الإنفاق عن طريق زيادة كمية النقود المصدرة. ونظراً لأن العرض الكلي من الناتج القومي محدود نسبيًّا فإن زيادة الطلب الحكومي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل تضخمي.

وفي النهاية يمكن أن نخلص مما تقدم أن التضخم الناشئ بسبب الطلب إنما ينشأ بسبب: (زيادة كمية النقود المصحوبة بزيادة الميل الحدي للاستهلاك مع ثبات العرض) . أو بعبارة أخرى وجود أدوات مالية تعوق رغبات الأفراد في الادخار، وبما أن البنوك التجارية هي المؤسسات التي في إمكانها إقراض الأفراد دون قرارات سابقة بالادخار من أفراد آخرين، فإنها تكون المؤسسات المسؤولة عن هذا النوع من التضخم.

<<  <  ج: ص:  >  >>