للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرط السابع – تعيين موضع التسليم:

ووجه لزومه اختلاف الأغراض باختلافه الموجب لاختلاف الثمن وعلى هذا يجب تعيين موضع التسليم، قال الشيخ في (الخلاف) : إذا كان السلم مؤجلا فلا بد من ذكر موضع التسليم فإن كان في حمله مؤنة فلا بد من ذكره أيضا، وللشافعي في ذلك قولان أحدهما: يجب شرطه وإليه ذهب أبو إسحق في الشرح قال: فإذا أخل به بطل السلم. والثاني: لا يجب ذكره وإليه ذهب القاضي أبو حامد في (جامعه) (١) .

قال الشهيد في (الروضة) : ولو شرط موضع التسليم لزم لوجوب الوفاء بالشرط السائغ وألا يشترط اقتضى الاطلاق التسليم في موضع العقد كنظائره من البيع المؤجل (٢) .

أقول: إن اشترط موضع التسليم في ضمن العقد فلا ريب في وجوب الوفاء به لأجل قوله: (المؤمنون عند شروطهم) ولا كلام في ذلك كما صرح به الشهيد في كلامه المتقدم، وإنما الكلام في أنهما أو أحدهما إذا لم يعينا في العقد موضع التسليم هل يكون عقد السلم باطلا ويكون تعيين موضع التسليم دخيلا في صحة العقد؟ ما هو الظاهر من كلام الشافعي في أحد قوليه حيث قال: (فإذا أخل به بطل السلم) أو يكون العقد صحيحا وإن لم يعين موضع التسليم بل ولو كان في حمله مؤنة كما ذهب إليه المحقق حيث قال: ولا يشترط ذكر موضع التسليم على الأشبه ولو كان في حمله مؤنة، واختاره صاحب الجواهر في شرحه حيث قال: وكيف كان فقد ظهر لك ضعف القول باشتراطه مطلقا (٣) وقال ابن إدريس: لم يذهب إلى هذا أحد من أصحابنا ولا ورد به خبر عن أئمتنا عليهم السلام وإنما هذا أحد قولي الشافعي (٤) والتحقيق أن يقال: إن إطلاق الأدلة الواردة في معرض البيان يقتضي عدم لزوم تعيين موضع التسليم كما في الحديث النبوي المتقدم ((من أسلف فليسلف في كيل معلوم أو وزن معلوم إلى أجل معلوم)) فذكر فيه الأجل المعلوم ولم يتعرض لموضع التسليم، ولو كان شرطا في صحة العقد فلا بد من التعرض له، وكذلك سائر النصوص الواردة في مشروعية السلم.

وأما ما ذكر من تفاوت الأغراض بذلك تفاوتا يختلف فيه الثمن في الجميع أو في بعض الأحوال فلا يقتضي الاشتراط إذا لم يكن عدمه مؤديا إلى جهالة في الثمن والمثمن فعلى هذا لا يكون تعيين موضع التسليم دخيلا في صحة العقد مثل ذكر الأجل المعلوم؛ نعم يجوز للمتعاقدين تعيين موضع التسليم إذا تعلق غرضهما بمكان خاص فيجب الوفاء به إذا شرط ولذلك إذا كان هناك عرف يقتضي الانصراف إلى مكان مخصص فيتبع حينئذ إذ هو حينئذ كالمشروط؛ وفي المسألة خمسة أقوال: الأول: عدم لزوم اشتراط موضع التسليم مطلقا. والثاني: وجوب اشتراط موضع التسليم مطلقا. والثالث: وجوب الاشتراط فيما إذا كان في النقل مؤنة. الرابع: لزوم الاشتراط إذا وقع العقد في مكان يقصدان مفارقة ذلك المكان. والقول الخامس: لزوم الاشتراط إن كان في النقل مؤنة وكان من قصدهما افتراق مكان العقد.


(١) الخلاف للشيخ الطوسي ١/٥٣٩
(٢) الروضة البهية ٣/٤١٨
(٣) جواهر الكلام ٢٤/٣١٨
(٤) السرائر ٢/٣١٧

<<  <  ج: ص:  >  >>