للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثاً: في البند المتعلق في عقوبة مريض الإيدز الذي يتسبب في إصابة شخص آخر، وفي هذا اتفاق من جميع الباحثين. سبق وذكرت أن مرض الإيدز وباء قاتل لا يوجد له علاج، ولا يمكن الشفاء منه حتى الآن، وهذا يعني أن أي إنسان يتسبب في نقل هذا المرض إلى غيره من الناس يستحق العقاب والمحاسبة؛ نظراً لارتكابه جريمة خطيرة أشبه ما تكون بجريمة القتل العمد، وقد تختلف الآراء في حجم وكيفية العقاب، إلا أنه إجراء ضروري جداً؛ لأنه يلقن المذنب وكل من تراوده نفسه القيام بمثل تلك الأفعال الإجرامية المشينة درساً في الحفاظ على سلامة الآخرين، وإذا كان عقاب تجار المخدرات ومتعاطيها ومروجيها يصل أحياناً إلى السجن سنين عديدة ويؤدي إلى الإعدام في بعض الدول، فإن ناقل مرض الإيدز وهو الأخطر بين الأمراض، يستحق عقاباً صارماً ورادعاً يتناسب وخطورته.

البند الرابع: عن جواز فسخ النكاح للمرأة إذا تبين لها إصابة زوجها بمرض الإيدز.

على الرغم من أن فيروس الإيدز لا ينتقل عن طريق اللمس والتنفس والطعام والشراب، أو عن طريق استخدام المناشف والأغطية والمراحيض وحمامات السباحة، إلا أنه ينتقل مباشرة عن طريق المعاشرة الجنسية، وهذا يهدد سلامة الزوجة وسلامة الجنين إذا تحقق الحمل، ونظراً لحرصنا على حماية الزوجة من الضرر الكبير الذي يمكن أن يلحقه زوجها بها وبأطفالها، فإننا نؤيد حقها في طلب فسخ النكاح، خاصة وأن مرض الإيدز يعتبر من الأمراض المعدية والمنفرة الأشد خطراً من أمراض الجذام والبرص التي تمنع الجماع شرعاً، والتي يمكن انتقالها إلى الجنين، كما نؤيد حقها في طلب التعويض المالي الذي يقره الشرع والقانون مع معاقبة الزوج إذا كانت إصابته بمرض الإيدز ناتجة عن ارتكابه الزنا أو عن طريق تعاطيه المخدرات بالحقن الوريدي.

البند الخامس: حول إجهاض المرأة المصابة إذا حملت:

إن احتمال انتقال عدوى الإيدز من المرأة الحامل المصابة بفيروس المرض إلى جنينها عبر المشيمة أمر وارد وموثق علمياً، كما أن احتمال انتقال العدوى إلى الطفل أثناء عملية الولادة من خلال الإفرازات المهبلية للأم، أو أثناء الرضاعة بسبب تلوث حليبها أمور ممكنة أيضاً، وهذا يعني أن الطفل المولود من امرأة مصابة بالمرض قد يبلى بهذا الوباء منذ نعومة أظافره وأنه سيشوه بأعراضه ويعاني منها حتى مماته، وخلال تلك الفترة ستكون السلطات الصحية مسؤولة عن رعايته وإعاشته وتربيته وتعليمه وعزله عن المجتمع عند بلوغه، وبما أن إجهاض المرأة المحتمل أن تنقل أمراضاً وراثية خطيرة إلى جنينها كان موضع بحث مستفيض في السابق من قبل السلطات الصحية والسلطات الشرعية والدينية في جمهورية مصر العربية، فإن إجهاض المرأة المصابة بمرض الإيدز إذا حملت ولم يمض على حملها سوى أسابيع معدودة، أي قبل نفخ الروح في الجنين أمر قابل للبحث والاعتبار.

<<  <  ج: ص:  >  >>