مرض الإيدز طاعون فتاك ووباء قاتل، لا يمكن مقارنته بالأمراض المستعصية الأخرى، فهو ينتقل بالدرجة الأولى من مريض لآخر عن طريق الاتصال الجنسي القائم على الممارسات الشاذة؛ كاللواط أو الممارسات الفاحشة كالزنا والدعارة أو الممارسات العادية بين الأزواج إذا كان أحدهما مصاباً بالمرض، كما ينتقل مرض الإيدز عن طريق الحقن الوريدي بين مدمني المخدرات وبين مرضى الهيموفيليا أو الناعور الذين يقعون ضحية نقل دم ملوث إليهم، ويمكن انتقاله أيضاً إلى المواليد والأطفال عن طريق أم تحمل فيروس المرض أثناء الحمل أو الولادة أو الرضاعة، كما يمكن انتقاله عن طريق الإبر الملوثة وشفرات الحلاقة إذا سبق أن استخدمها شخص مصاب بالإيدز، من هنا لابد لنا من التمييز بين المريض الذي يكتسب العدوى عن طريق الممارسات المخالفة لشرع الله والمريض الذي يكتسبها عن طريق الخطأ دون ذنب له أو إثم، إن توفير الرعاية الصحية للمرضى حق أساسي من حقوق المواطن بغض النظر عن الأسباب المؤدية للإصابة بالمرض، ومنها أن مرض الإيدز هو من الأمراض التي لا يمكن علاجها أو الشفاء منها حتى الآن وهو من الأمراض الخطيرة القاتلة والمعدية، فإنه لابد من عزل المريض مع تقديم الرعاية الصحية اللازمة له في منتجعات أو مراكز متخصصة تتوفر فيها وسائل الراحة وعناصر الحياة الطبيعية التي تسمح للمريض بالمساهمة بأعمال يتقنها أو حرفة يتعلمها تمكنه من كسب قوته وتغطية نفقات علاجه وإعانة أسرته وخدمة مجتمعه، ويستحسن بقاء المريض في تلك المراكز حتى وفاته أو لحين ظهور دواء أو لقاح يشفيه بإذن الله تعالى.
إن إقامة مراكز متخصصة ومجهزة للاهتمام بالمصابين بمرض الإيدز وتوفير الرعاية الصحية والاجتماعية والمادية لهم أمر في غاية الأهمية، تتحمل مسؤوليته الدول المعنية؛ لأنه يوفر حاجزاً منيعاً يحمي مجتمعاتها من أخطار المصابين وحاملي الفيروس الذين يتم كشفهم والتعرف عليهم، كما أن فصل هذه المراكز وتقسيمها إلى شطرين يتيح المجال أمام المسؤولين للتعامل مع المصابين الذين التقطوا العدوى بطريق الخطأ بأسلوب إنساني وحضاري يختلف عن الأسلوب الواجب اتباعه مع المصابين من مرتكبي الفاحشة وممارسي الدعارة والشذوذ والزنا، وعلى المجتمع أن يراعي سرية أسماء المصابين بعد عزلهم حرصاً على مشاعر أفراد عائلاتهم وحماية لمصالحهم وتفادياً لإحراجهم أمام الآخرين ووصمهم بعار لا ذنب لهم فيه، فالإشاعات والافتراضات الخاطئة قد تؤذي أفراد هذه الأسر وتحرمهم نعمة العيش الكريم، وتهدد مستقبلهم المهني ومركزهم الاجتماعي، كما يستحسن السماح لعائلات المرضى وأقاربهم وأصدقائهم بزيارتهم في تلك المراكز وبالاختلاط معهم إذا كان المرضى من الفئة التي اكتسبت المرض عن طريق الخطأ، أما عائلات المرضى الذين اكتسبوا المرض عن طريق الممارسات الشاذة أو غير المشروعة فإن لقاءهم بمرضاهم يجب أن يتم من وراء حاجز عازل.