للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأسباب الوقائية والوراثة

سبقت الإشارة إلى أن من بين ما شرعه الله عز وجل قواعد خاصة لصيانة النسل من أن يلحق به ما يخل بسلامته أصلاً أو يحدث به ضرراً بليغاً أو أذى مهيناً، وقد ظهرت هذه التشريعات في صنفين من الرعاية:

أحدهما: وقائي يسبق وقوع الخطر فيوجد ما يدرؤه ويبعده أو يجعل أثره ضعيفاً مستهلكاً.

والآخر: علاجي تدعو إليه حاجة طروء السقم ودواعي التلف الذي يلحق به، وهو متناول بعموم النصوص في التداوي والعلاج لإصلاح ما يطرأ على الطبيعة وإزالة الأدواء والعلل بالوسائل التي لا يلابسها محرم.

فأما التصرفات الجارية مجرى الوقاية فهي باب مفتوح على مصراعيه، فللإنسان أن يسعى جهده لاتقاء ما يصيبه من سوء.. سواء كان الضرر المخوف لحوقه خلقياً مصاحباً لوجود الإنسان، أو طارئاً عليه مبدلاً ما هو عليه من فطرة سوية.

فالوقاية والاحتراس مأمور بهما بأي وسيلة صحيحة نقية من الشوائب، والنصوص الشرعية في هذا كثيرة، نقتصر منها على ثلاثة أمثلة شديدة الصلة بموضوع الإنجاب، ويتبين منها الدعوة الصريحة للأخذ بما يقي النشء منذ أول مظهر من مظاهر التأثير الوراثي وهو (الزواج) حيث يلتقي شطرا النشأة لوجود السلالة:

الأول- قيام كل من الزوجين بتخير الآخر، والأمر موجه للزوج؛ لأنه هو المتولي عادة للخطبة وإبداء الرغبة، ففي الحديث الذي روي من طرق عديدة لكنها ضعيفة: ((تخيروا لنطفكم فانكحوا الأكفاء، وأنكحوا إليهم)) رواه الحاكم والبيهقي وابن ماجه.

وفي رواية ابن عدي وابن عساكر: (( ... فإن النساء يلدن أشباه إخوانهن وأخواتهن)) رواه البيهقي بلفظ ((الناس معادن، والعرق دساس، وأدب السوء كعرق السوء)) ، ورواه الديلمي بلفظ: ((تزوجوا في الحجر الصالح؛ فإن العرق دساس)) ، وفي لفظ رواه أبو موسى المديني: ((انظر في أي نصاب تضع ولدك؛ فإن العرق جساس)) (١)


(١) تخريج أحاديث الإحياء، استخراج محمود الحداد، (٢/ ٩٧١)

<<  <  ج: ص:  >  >>