للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من آداب الطبيب

يشير السبكي في بيان ما ينبغي أن يتحلى به الطبيب من آداب بعبارة مستوعبة بالنسبة لقلة ما جاء عن هذا في غيره من كتب الحسبة التي توغلت في بيان ما يكتشف به أهلية الطبيب وما يزاح به الغطاء عن الجهل أو الغش إن وجد، كما أشارت إلى ما يجب علمهم به، وما يقسمون عليه، ولزوم مراعاة الإذن من ولي الأمر ومن المريض أو وليه (١) . يقول السبكي عن آداب الطبيب: (٢)

- من حقه: بذل النصح، والرفق بالمريض.

- وإذا رأى علامات الموت لم يكره أن ينبه على الوصية بلطيف من القول.

- وله النظر إلى العورة عند الحاجة بقدر الحاجة.

- وأكثر ما يؤتى الطبيب من عدم فهمه حقيقة المرض، واستعجاله في ذكر ما يصفه، وعدم فهمه مزاج المريض، وجلوسه لطب الناس قبل استكماله الأهلية.

- وعليه أن يعتقد أن طلبه لا يرد قضاء ولا قدراً، وأنه إنما يفعل امتثالاً لأمر الشرع، وأن الله تعالى أنزل الداء والدواء، وما أحسن قول ابن الرومي:

غلط الطبيب علي غلطة مورد

عجزت موارده عن الإصدار

والناس يلحون الطبيب وإنما

غلط الطبيب إصابة الأقدار

وهناك آداب أخرى ليست الشريعة مصدرها الوحيد، بل هي من آداب هذه المهنة، مثل كتمان أسرار المرضى والالتزام بمقتضى القسم مما هو معروف. (٣)

على أن من الآداب أمراً يخاطب به الجميع ويخص به الطبيب لاتصاله المباشر بالمريض، وهو آداب (عيادة المريض) ، ولا يقلل من شأن هذه المطالبة الخاصة أن يكون بذلك مقتضى مهنته. فإنه إذا نوى –بالإضافة إلى باعث الواجب الوظيفي- الأخذ بهذه الآداب التي هي من تمام حق المسلم على المسلم، كان أداؤه أكمل، لصدور ذلك عن قناعة والتزام ديني ينمو معه الوازع الداخلي بعد رقابة الله عز وجل.


(١) معيد النعم ومبيد النقم، للتاج السبكي (ص ١٣٣)
(٢) معالم القربة ص (١٥٩ – ١٦٩) ، نهاية الرتبة ص (٨٩ – ١٠٢) ، وغيرهما.
(٣) يرجع إلى كتاب (علم آداب الطب) للدكتور شوكت الشطي طبع جامعة دمشق. وكتاب (الطب العربي) للدكتور أمين أسعد خير الله، المطبعة الأميركانية – بيروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>