للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى ضوء ما تقدم يمكن أن يتبين حكم بعض الوقائع:

١- تأكد الطبيب من أن الزوج عقيم، ولا يمكن أن ينجب، وحملت الزوجة بطريق أو بأخرى، وهم الطبيب بإفشاء السر بإخبار الزوج أو إخبار الجهات المسؤولة، فهل له أن يفعل ذلك؟

والذي نجزم به في هذا الشأن أنه ليس للطبيب أن يقول: إن هذه الزوجة قد حملت من الزنى؛ لأنه إن قال ذلك كان قاذفاً، ويستحق حد القذف وهو ثمانون جلدة إن طالبت بذلك المرأة ولم يأت الطبيب بأربعة يشهدون على ذلك.

لكن لو قال للزوج: (تبين من الفحص أنك عقيم لا تنجب) واقتصر على هذا القول فهذا حق، وليس بسر ولا بأمانة حتى يلزم ستره وكتمانه، ولكن من باب المحافظة على سلامة الأسرة إن علم أن ذلك وقع من المرأة على سبيل الزلة فقد يكون عدم الإخبار بذلك أفضل؛ إذ لا فائدة فيه بالنسبة إلى نسب الحمل؛ لأنه سيلحق بالزوج؛ إذ الولد للفراش ولو انتفى الزوج من الولد، ما لم يجبر اللعان لنفيه.

٢- إذا قام الطبيب بعمل يخل بآداب مهنة الطب، واكتشف ذلك زميل له، هل يقوم بإبلاغ وإفشاء السر؟

يختلف ذلك في نظري من حال إلى حال، فإن كان ذلك الطبيب قد اعتدى على الطرف الآخر أو استغل صغره أو جنونه أو نحو ذلك، فهنا ليس الستر على المعتدي أولى من تمكين المعتدى عليه من الوصول إلى حقه.

وإذا كان بموافقة الطرف الآخر، وهو تام التكليف، فإن كانت زلة وحصلت التوبة منها فينبغي الكتمان، وخاصة إذا كان الذي واقع الجرم قد استعان بالزميل الذي اكتشف أمره ليتم تلافي ما حصل.

أما إن كان مستمراً في غوايته واستغلال مركزه فيجب إيقافه عند حده.

٣- إذا تبين للطبيب أن رب الأسرة قد أصيب بمرض جنسي، فهل يبلغ الأسرة؟ الجواب عندي أنه إن كان المرض معدياً ويخشى أن ينتقل إلى زوجته أو سائر أفراد أسرته، فإن الضرر المتوقع بإصابته الأبرياء أعظم من الضرر الذي ينال المريض نفسه ببيان حاله، وحينئذ فينبغي للطبيب البيان إن سئل عن ذلك أو اقتضته الحال.

<<  <  ج: ص:  >  >>