للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة دية الذمي التي أشار إليها الشيخ العماري، أنا أؤيده في هذا، ولو لم أكن حنفيا لقلت بهذا القول، وذلك لأن الآية القرآنية الكريمة: {فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: ٩٢] هي مساوية للمسلمين وأهل الذمة جميعهم، وهناك حديث صحيح أيضا أخرجه الإمام الترمذي رحمه الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ودى العامريين بدية المسلمين، وهذا حديث أصح إسنادا من الحديث الذي يذكر في تصنيف دية الذمي.

ومسألة الحوادث التي تنشأ من تطرق البهائم إلى الشوارع، هذه مسألة نجد فيها أيضا حديثا واضحا، ربما يكون أصرح شيء في هذا الباب، الذين يقولون بأن صاحب البهيمة ليس عليه الضمان ربما يستدلون بالحديث المعروف الذي قال به رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((العجماء جرحها جبار)) ، ولكن في نفس الوقت هناك حديث أخرجه الإمام مالك في موطئه أن ناقة للبراء بن عازب رضي الله تعالى عنه دخلت بستانا فأفسدت ما فيه فضمن رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب الناقة، وفي نفس ذلك الحديث نجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن على أهل الدواب حفظها بالنهار)) فهذه الجملة التي نجدها في هذا الحديث ربما توضح لنا العلة في الضمان. يعني أصحاب البهائم أو أصحاب الدواب هم المسؤولون عن حفظ تلك البهائم والدواب، ما دام الحفظ عليهم، وهم قصروا في ذلك، فإنهم أصحاب الضمان أما إذا كان هناك حالة ذكرها فضيلة الرئيس، أنه إذا كان هناك بعير شارد وانفلت إلى الشارع العام أو إلى الطريق المعبد، فحين ذلك مالك البعير لم يقصر في حفظه، فلذلك لم توجد العلة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا ينبغي أن يضمن الدية والضمان.

وأخيرا مسألة التعزير بالمال أو التعزير بالعقوبات المالية، فأنا أؤيد فضيلة الشيخ العماري، إنه وإن كان هناك كثير من الفقهاء قد منعوا التعزير بالمال، ولكن هناك جمع كثير من الفقهاء كالإمام أبي يوسف رحمه الله قد أجاز التعزير بالمال، وهناك أدلة كافية على جوازه، فلا بأس بالأخذ بالتعزير بالمال في مسألة مخالفة نظام المرور.

وهذا ما كنت أريد أن أدلي به في هذا الموضوع، والله سبحانه وتعالى أعلم، وشكرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>