للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترجيح الرخصة على العزيمة:

يرى فريق من العلماء (١) أنه في حالة رفع الحرج عن المكلف في الأخذ بالعزيمة أو في الأخذ بالرخصة يترجح الأخذ بالرخص للأمور الآتية:

أولها: أن أصل العزيمة وإن كان قطعيا فأصل الترخص قطعي أيضا بالإضافة إلى المظنة، حيث وجدت وكيف كانت؛ فإن المشرع قد أجرى الظن في ترتب الأحكام مجرى القطع، فمتى وجد سبب الحكم كان مستحقًا للاعتبار. وقد قام أكثر من دليل قطعي على أن الدلائل الظنية تعامل في فروع الشريعة معاملة الدلائل القطعية، فإن غلبة الظن تنسخ حكم القطع السابق؛ لذلك إذا غلب على ظن الصائد أن موت الصيد بسبب ضرب الصائد وإن أمكن أن يكون بغيره، أو يعين على موته غيره، فالعمل على مقتضى الظن صحيح (٢) . وبهذا الاعتبار يسقط الوجه الأول من مرجحات العزيمة.

ثانيها: أن أصل الرخصة وإن كان جزئيًا بالإضافة إلى عزيمتها فذلك غير مؤثر، وإلا لزم أن نقدح فيما أمر به من الترخص؛ بل الجزئي إذا كان مستثنى من كلي فهو معتبر في نفسه، لأنه من باب التخصيص للعموم، أو من باب التقييد للإطلاق. ويصح تخصيص القطعي بالظني، فهذا منه.

وقد تقرر أيضا أن الكلي لا ينخرم بانخرام بعض جزئياته، فسقط الوجه الثاني.

ثالثها: أن الأدلة على رفع الحرج عن هذه الأمة قد بلغت مبلغ القطع، وأن الأدلة على مشروعية الرخص بلغت كذلك مبلغ القطع، وما دامت الرخصة مباحة وفيها سهولة ويسر ومراعاة لحق العبد والشارع، فهي أولى من العزيمة التي يراعى فيها حق الشارع وحده (٣) .


(١) الموافقات: ١ / ٢٣٠- ٢٣١، أصول الخضري: ص ٩١، الرخص الفقهية من القرآن والسنة: ص ٦٥٣ – ٦٥٤.
(٢) الموافقات: ١ / ٢٣١.
(٣) الموافقات: ١ / ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>