للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ ـ وأما ما قاله "الخوري الحداد" من أن القدماء أجمعوا على أن إعجاز القرآن في نظمه فقط تم تشكيكه في ذلك بعد لينتهي من ذلك أي مقولة أهله وأصحابه من أن القرآن غير معجز فقد تولى الرد عليه بشكل واضح ومفصل ومفحم الأستاذ محمد عزة دروزة، ونحن بالإضافة إلى ما ذكرناه في الفقرات السابقة من إبطال هذه المقولة وإثبات إعجاز القرآن نجتزئ من ردود الأستذا دروزة العديدة بعض ما قاله , يقول: "والخوري كاذب من حيث الأصل في قوله إن القدماء مجمعون على أن إعجاز القرآن في نظمه وحسب , فهناك آثار وأقوال قديمة كثيرة ينطوي فيها تقرير كون إعجاز القرآن في نظمه وفي محتواه على السواء، فالقرآن حينما يقرر أنه كتاب هداية وإرشاد، ونور وشفاء، وتبشير وإنذار، إما يقرر إعجاز القرآن في المحتوى في الدرجة الأولى الذي يمثله ما في القرآن المكي والمدني معًا من إعجاز إلهي في العقيدة، وإعجاز إلهي في التشريع، وإعجاز إلهي في الحكمة، وإعجاز إلهي في الإرشاد أي خير سبل السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة، وإعجاز إلهي في التبشير والإنذار والترغيب والترهيب، وإعجاز إلهي في عرض بدائع الكون ومشاهد عظمته وروعة نواميسه الماثلة في كل شيء، والبرهنة بها على وجوب وجود الله وقدرته وإحاطته، وإعجاز إلهي فيما احتواه قصصه من مواعظ وأمثال وتذكير وحكم بالغة، وإعجاز إلهي فيما احتواه من الغيبيات السالفة والغيبيات الآتية، وإعجاز إلهي في صلاح ما أتى به من كل ذلك لكل زمان ومكان وجنس ولون وعقل وثقافة، وكل هذا بارز ملموح بكل قوة وبكل روعة وبكل نفوذ وبكل قطعية في مختلف سور القرآن المكية والمدنية، ولا يمكن أن يكابر فيه ويتعامى عنه إلا أحمق غبي أو حقود مغرض، والقرآن في متناول جميع الناس في كل مكان وزمان، ومن هذا المنطلق قرر القرآن أنه المعجزة الكافية لصدق رسالة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على ما تضمنته آيات سورة العنكبوت: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (١) .

ثم يقول: والآن نورد الدليل على كذب الخوري، فالخوري يجعل كتاب (الإتقان في علوم القرآن للسيوطي) مصدرا رئيسيا من مصادره وينقل عنه كثيرا، أن السيوطي أورد حقا أقوال لبعض العلماء بأ إعجاز القرآ هو في نظمه وبلاغته فإه قال: إن جمهور العلماء يقررون أن إعجازه هو في نظمه ومعانيه على اختلاف نواحيها" (٢) . مقتطفات عديدة من أقوال عدد منهم ومن جملة ذلك فصل للخطابي أحد علماء القرآن في القرن الرابع الهجري نورده كمثال على أقوال العلماء القدماء.


(١) سورة العنكبوت: الآيتان ٥٠ ـ ٥١
(٢) الإتقان في علوم القرآن: ٢/١٥١

<<  <  ج: ص:  >  >>