وثالثًا: لأن القرآن والإسلام دعوة انقلابية تربوية تريد أن تربي الإنسانية العابدة تنفي كل بذور الجاهلية في العقيدة والنظام والأخلاق والتقاليد وغيرها.
والتربية تعني أول ما تعني مسك أَزِمّة الأمور ثم وضع برنامج تربوي عام وخلق التلاؤم بين مختلف نواحي الحياة ونظمها خدمة لذلك الهدف التربوي العام الذي بينته الآية الكريمة {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}(١) .
تحقيقًا لمدارج التكامل الإنساني ومن هنا يتغير هدف الحكومة في الإسلام ويختلف عن أهداف الحكومة في المجتمعات الوضعية ـ كما قلناه ـ حيث ركزت على تحقيق رفاهية المواطنين وراحتهم في حين يطلب الإسلام من (الإمام) وهو عنوان الدولة الإسلامية أن يراقب تحولات المجتمع ويسوقه نحو كماله في مختلف الجوانب. كما سيأتي مزيد توضيح لهذه النطقة.
رابعًا: فإن طبيعة العقيدة الإسلامية تقضي أن تستمد الحكومة ولايتها وقدرتها ومبادئها من الإسلام فإن أساس الإسلام هو التوحيد الخالص وولاية الله الحقيقية ومالكيته للكون والإنسان ولن يملك أي إنسان ولاية على آخر إلا بسماح الله له وقد رأينا من قبل أن الحكومة بطبيعتها تحتاج إلى من يمنحها هذه الولاية ووفقًا للعقيدة الإسلامية وأساسها التوحيدي الحنيف لا يملك حتى الناس أنفسهم سلطة تولية الآخرين عليهم إلا بإذن إلهي.
ومن هنا كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أولى بالمؤمنين من أنفسهم كما في حديث الغدير المتواتر , وكان الإمام أولى بالمؤمنين كما سيأتي:
هذا بيان موجزة عن اقتضاء طبيعة الإسلام وواقعيته لأن يضع الإسلام أسس دولته الخالدة خلود رسالته.