للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآثار العامة للاستصناع:

الاستصناع عقد غير لازم عند أكثر الحنفية سواء تم أو لم يتم وسواء كان موافقًا للصفات المتفق عليها أم غير موافق، لكن ذهب جماعة من الفقهاء إلى أنه إن تم صنعه حسب الاتفاق مطابقًا للأوصاف المتفق عليها يصير لازمًا عند أبي يوسف فإن لم يطابق لها فهو بالخيار إن شاء أخذه وإن شاء رده وقد اختارت مجلة الأحكام العدلية في مادتها ٣٩٢ قول أبي يوسف من لزوم عقد الاستصناع، وذلك لما يترتب على استقلال أحد الطرفين بفسخه من المضار إذا كان مطابقًا للوصف المتفق عليه. وينعقد الاستصناع على العين لا على عمل الصانع ويكون في كل ما جرى به التعامل وشرط صحته بيان الجنس المصنوع ونوعه وقدره وصفته ولا يصح فيما لا تعامل فيه إذا ضرب له شهرًا فأكثر ويكون حينئذ سلمًا يعتبر فيه شروط السلم كذلك يعتبر سلمًا إذا ضرب له أجل بشهر فأكثر ولو كان ما جرى به العمل وكل هذه الأحكام مستفادة من الدر وحاشيته رد المحتار أواخر السلم. وإذا عين في العقد بدء المدة اتبع ما نص عليه في العقد وإلا فمن تاريخ العقد إلا إذا قضت ظروف العقد أو العرف بغير ذلك. ويظهر هذا ويتجلى في عقود العمل وكثيرًا ما تكون بين أصحاب الشركات والمعامل وبين من يعمل فيها وقد تكون بين الصانع وصاحب رأس المال وكثيرًا ما كان العامل ضحية مالك رأس المال يستغله وينتفع بثمرة عمله إلى أبعد حدود الاستغلال حتى إذا شاخ أو أصيب بعاهة ولو من جراء عمله تركه صاحب المعمل وهكذا يكون فريسة للفقر والمرض. فسنت قوانين لتأمين العمال في عملهم وفي حياتهم حتى الممات واشترطت أن العامل إذا مرض يداوى على حساب من يعمل عنده في معمله وإذا أصيب يعطى أجره كاملًا مدة من الزمن ثم يعطى نصف الأجرة فإذا عجز أحيل على المعاش وكانت هذه الشروط قد وضعت لحماية العامل من طغيان أرباب رؤوس الأموال على العمال واستنفاذ قواتهم لمصلحتهم بلا تفكير فيمن كانوا سببًا مباشرًا لإثرائهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>