للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أركان الاستصناع:

أركانه ثلاثة العاقدان والمحل والصيغة: أما الصيغة فكل ما يدل على الرضا والقبول كقول المستصنع للصانع اصنع لي كذا ونحوها من العبارات لفظًا أو كتابةً واستجابة الصانع للطالب وقبوله لذلك. أما المحل فقد اختلف الفقهاء فيه هل هو العمل أو العين مشروطة بالعمل؟

ذهب جمهور الحنفية إلى أن العين هي العقود عليه بدليل ثبوت خيار الرؤية للمستصنع وخيار الرؤية يكون في البيع العين (١) والاستصناع هو طلب العمل لغة (٢) والأشياء التي تستصنع بمنزلة الآلة للعمل كما في المبسوط، وأما العاقدان فشرطهما أهلية التعاقد بالأصالة عن نفسه أو بولاية شرعية للتعاقد بالنيابة عن غيره.

الشروط الخاصة بالاستصناع:

للاستصناع شروط هي: أولًا أن يكون المستصنع معلومًا وكون محل العقد معلومًا علمًا يمنع من النزاع شرط عام في كل المعاوضات وذلك للنهي الوارد في السنة عن بيع الغرر وعن بيع المجهول فقد أخرج الجماعة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر وبيع الحصاة أن يقول: بعتك هذه الأثواب ما وقعت عليه هذه الحصاة ويرمي بالحصاة أو قول هذه الأرض ما انتهت إليه في الرمي. والعلم إما أن يتحقق بالإشارة إلى المبيع إذا كان موجودًا أو بالرؤية عند العقد أو قبله بوقت لا يحتمل تغييره فيه أو برؤية بعضه إن كانت أجزاؤه متماثلة أو بالوصف المانع للجهالة الفاحشة وذلك ببيان الجنس والنوع والقدر وهذا هو الشرط المشترط في الاستصناع إذ لا يصح التصرف بالمجهول جهالة فاحشة المفضية إلى المنازعة ويكون العقد بالجهالة الفاحشة فاسدًا عند الحنفية وباطلًا عن غيرهم كما لا يصح التصرف بما يشتمل على الغرر الكثير والفرق بين الجهالة والغرر أن الغرر أعم من الجهالة فكل مجهول غرر وليس كل غرر مجهولًا فقد يوجد الغرر بدون جهالة كما في شراء الشيء الهارب المعلوم الصفة ولا توجد الجهالة بدون غرر كما أوضحه القرافي في فروقه (٣) وقد بين القرافي أن ما يجوز بيعه على الصفة هو ما توفر فيه شروط ثلاثة:


(١) المبسوط: ١٢/١٣٩
(٢) فتح القدير: ٥/٣٥٥ وما بعدها، والدرر شرح الغرر: ٢/١٩٨، طبعة١
(٣) الفروق للقرافي: ٣/٢٥٨؛ الفرق ١٨٧: قاعدة ما يجوز بيعه على الصفة وما لا يجوز بيعه على الصفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>