على ضوء ما قدمناه في المطلب الثاني، والثالث، وما أوردناه من جملة للأمثلة التي وردت في كتب المذهب الحنبلي نستطيع أن نضع من خلال ما صرح به المذهب من ضوابط للصحة والفساد فيما يتعاقد عليه عن طريق عقد السلم في سلع يطلب صنعها. وهذا التقسيم يتقارب تقاربا كبيرا مع ما قمت بإبرازه من أقسام في مذهب الشافعية في مثل هذا الموطن ... وأعراض هذا التقسيم فيما يلي:
القسم الأول
التعاقد سلما على أشياء تصنع من مادة واحدة
أجاز المذهب الحنبلي صحة التعاقد "سلما" على أشياء تصنع من مادة واحدة، وقد سبق أن مثل لها المذهب الشافعي بالكوز والطست والأباريق والحباب، (الزير) والنشاب ...، فإذا تابعنا هذه الأمثلة عند الحنابلة نجد أنهم نصوا على أنه يصح السلم في غزل القطن، والكتان، والرصاص والنحاس، والحديد ....
والأواني غير المختلفة الرؤوس والأوساط، لأن السلم لا يصح في مختلفها والقصاع والأقداح من الخشب.
والسيف، والنشاب، والنبل والخشب بأنواعه والأرحية .... والبلور، والآجر، واللبن، والثياب، والمصبوغ منها إذا كان مما يصبغ غزله، فإن كان مما يصبغ بعد نسجه لم يصح السلم فيه، لأن الصبغ لا ينضبط، والكاغد.
كل هذه الأشياء التي أوردها المذهب عند ذكر الشرط الثاني لصحة السلم، وهو (أن يصف المسلم فيه بما يختلف به الثمن اختلافا ظاهرًا، لأن السلم عوض يثبت في الذمة، فاشتراط العلم به كالثمن، وطريقة الرؤية أو الصفة، والأول ممتنع، فتعين الوصف، فعلى هذا يذكر جنسه ونوعه، وقدر حبه، ولونه إن اختلف اللون، وحداثته وقدمه، و ...