وحيث إن المصرف لا يملك شركة للبناء، فعليه إذن الاتصال بشركات البناء، واختيار أفضلها لتولي العمل المطلوب. ومعنى هذا أن المصرف عليه أن يحضر مواد البناء، ويدخل مع إحدى الشركات في عقد إجارة، أو أن تقوم الشركة بعملية البناء وتحمل جميع النفقات على أساس عقد الاستصناع، ويكون المصرف هنا هو المستصنع، مع أنه الصانع بالنسبة لصاحب الأرض.
ويستطيع المصرف دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع، وعلى الأخص أنه سيعجل بدفع الثمن للصانع، وفي العقد الآخر البيع بالتقسيط.
رأى المصرف أن هذا العقد يحل مشكلة طالب البناء كاملة، ويمكن أن يحقق ربحًا معقولًا، ولكن توجد مشكلة تمنع المصرف من قبول عقد الاستصناع في البناء بصفة عامة، وهي ضمان المبنى، فبعد تسليم المبنى يظل الباني ضامنًا لمدة طويلة لا تقل عن عشر سنوات، وفي بعض البلاد تزيد كثيرًا على عشر سنوات. والمصرف لا يستطيع تحمل مثل لهذا الضمان.
فاقترحت عليهم أن تقوم الشركة – وهي الصانع – بضمان المبنى للمصرف أو لمن يحدده المصرف، ويشترط في العقد الآخر قبول صاحب الأرض ضمان المبنى من المصرف، أو من أي طرف آخر يحدده المصرف ويقبل إعطاء هذا الضمان.
وعندئذ قبل المصرف الدخول في عقدي الاستصناع، وبعد الانتهاء من البناء تقوم الشركة بضمان المبنى للطرف الذي حدده المصرف، ويخلى هذا الطرف المصرف من تحمل أية مسؤولية.
وبالفعل تم تنفيذ كل من العقدين، وأصبح المصرف مستعدًّا للدخول في مثل هذه العمليات.
وأذكر هنا أن المصرف بعد أن تعاقد مع صاحب الأرض قام بمناقصة لشركات البناء، فجاءت العطاءات متفاوتة لدرجة كبيرة: فأحدهما طلب مبلغًا يقترب من المبلغ الذي سيأخذه المصرف من طالب البناء، مع أن طريقة الدفع تختلف اختلافًا بينًا، فالمصرف يأخذ الثمن مقسطًا على ثمانية أعوام، والشركة تأخذ الثمن من المصرف نقدًا دون تأجيل.
وأنسب عطاء كان أقل من هذا بنسبة كبيرة تجعل المصرف يربح ٥٠ % تقريبًا.
وأحب أن أختم هذا المبحث بعرض صورة لنموذج عقد من عقود الاستصناع في البناء.