للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سابعا: روى مسلم وأبو داود وغيرهما عن قبيصة بن مخارق الهلالي قال: تحملت حمالة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها، فقال: " أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها ". قال: ثم قال: " يا قبيصة أن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك (١) ... "

وهذا الحديث الشريف كما يدل على جواز الكفالة يدل أيضا على أنها واجبة على من تحملها، ليس له أن يرجع عن التزامه.

ثامنا: روى ابن ماجه في باب الكفالة من كتاب الصدقات بسنده عن ابن عباس، أن رجلا لزم غريما بعشرة دنانير، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما عندي شيء أعطيكه. فقال: لا والله لا أفارقك حتى تقضينى أو تأتينى بحميل. فجره إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "كم تستنظره؟ " فقال: شهرا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فأنا أحمل له ". فجاءه في الوقت الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: من أين أصبت هذا " قال: من معدن، قال: " لا خير فيها " وقضاها عنه.

وروى أبو داود الحديث الشريف -مع شيء من الاختلاف - في باب استخراج المعادن من كتاب البيوع. والحديث كما يدل على جواز الكفالة، يدل أيضا على جواز ملازمة الغريم، ومنعه من التصرف حتى يؤدى ما عليه من الحق، وعلى جواز ضمان الدين الحال مؤجلا.


(١) صحيح مسلم -كتاب الزكاة: من تحل له المسألة - وانظر سنن أبي داود-كتاب الزكاة: بباب تجوز فيه المسألة. والحمالة: ما يتحمله الإنسان عن غيره من دية أو غرامة، مثل أن يقع حرب بين فريقين تسفك فيها الدماء، فيدخل بينهم رجل يتحمل ديات القتلى ليصلح ذات البين، والتحمل: أن يحملها عنهم على نفسه. (النهاية لابن الأثير١/٤٤٢) . وقد كانت العرب إذا وقعت بينهم فتنة اقتضت غرامة في دية أو غيرها قام أحدهم فتبرع بالتزام ذلك والقيام به حنى ترتفع تلك الفتنة الثائرة. (عون المعبود٥/٥٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>