فِي عُمَّال الْخراج والتقصي الدَّائِم لأحوالهم وأحوال الوزراء
يجب أَن يُوصي عُمَّال الْخراج بِأَن يحسنوا مُعَاملَة خلق الله تَعَالَى وَألا يحصلوا مِنْهُم سوى مَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِم من أَمْوَال حَتَّى هَذِه تجب الْمُطَالبَة بهَا بِرِفْق وأدب وَألا تُؤْخَذ مِنْهُم قبل جني المحاصيل وَالثِّمَار لَان فِي تَحْصِيلهَا قبل الأوان إرهاقا للزراع وتضييقا عَلَيْهِم يضطرهم إِلَى بيع محصولاتهم قبل أَوَان نضجها بِنصْف الثّمن وَفِي هَذَا من الظُّلم والجور مافيه وعَلى عُمَّال الْخراج أَن يقرضوا كل من يحْتَاج من النَّاس إِلَى البذار والأبقار مَالا يسد بِهِ حَاجته وَيَقْضِي بِهِ عوزه ليظل فِي حبور وطمأنينة وَيبقى فِي أرضه ووطنه لَا يغترب عَنْهُمَا
حِكَايَة فِي هَذَا الْمَعْنى
سَمِعت أَنه لما حل الْقَحْط الَّذِي دَامَ سبع سنوات فِي عهد الْملك قباذ وانقطعت خيرات السَّمَاء أَمر عماله بِبيع مَا كَانَ لديهم من غلات وَالتَّصَدُّق بِبَعْضِهَا ومساعدة الْفُقَرَاء من الخزينة وَبَيت المَال حَتَّى إِن شخصا وَاحِدًا لم يمت جوعا فِي أرجاء مَمْلَكَته فِي تِلْكَ الْمدَّة وَعلة هَذَا تحريه لعماله ومتابعته لَهُم وتوجيههم وتقريعهم
وَيَنْبَغِي الاستفسار الدَّائِم عَن كل عَامل وتقصي أخباره فَإِن كَانَ يسير على النَّحْو الَّذِي ذكرنَا فليحتفظ بِهِ وَإِلَّا فليستبدل بآخر مُنَاسِب وَأَن كَانَ غصب النَّاس شَيْئا دون حق يجب اسْتِرْدَاده مِنْهُ ورده الى من غصبه مِنْهُم ثمَّ مصادرة مَا يتبقى لَدَيْهِ من مَال وتحويله إِلَى الخزينة وعزله بعد ذَلِك على أَلا يسند اليه أَي عمل الْبَتَّةَ ليَكُون عِبْرَة للآخرين من المتطاولين واللصوص