للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والميم والقطع والوصل وما يكتب به اليوم قبل أن يبعث النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قال نعم. قلت فمن علمكم الكتابة؟ قال حرب بن أمية، قلت فمن علم حرب بن أمية؟ قال عبد الله بن جدعان. قلت فمن علم عبد الله؟ قال أهل الأنبار. قلت فمن علم أهل الأنبار؟ قال طارئ طرأ عليهم من أهل اليمن من كندة. قلت فمن علم ذلك الطارئ؟ قال الخلجان بن الموهن كان كاتب هود نبي الله بالوحي عن الله عز وجل. (١)

[كتابة القرآن في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-]

قضى الله تعالى ألا ينزل القرآن جملة واحدة كغيره من الكتب السماوية السالفة بل أنزله منجمًا موزعًا على الحوادث مقسمًا على الأزمان. وذلك لحكم جلية ومصالح جمة منها أنه كان ينزل بحسب الوقائع والحوادث التي كانت تحصل في المجتمع في عهد التشريع فتنزل الآيات مبينة حكم الله فيها وبحسب الأسئلة التي كانت توجه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المسلمين أو غيرهم فتنزل الآيات جوابًا عنها وبحسب الشبه التي كانت تختلج في صدور أعداء الإسلام فتنزل الآيات لدحضها بالحجج الدامغة وبحسب ما كانت تقتضيه حال المسلمين من تقرير عقائد الدين وشرائعه وأحكامه وفضائله ومنها أنه نزل تدريجيًا ليكون أبلغ في التحدي وأظهر في الإعجاز ومنها أنه نزل كذلك للتدريج في تربية الأمة العربية تربية دينية وخلقية وإعدادها لمنزلة الخلافة في الأرض ومنها تيسير حفظه وفهمه والعمل بمقتضاه ومنها تثبيت فؤاد النبي - صلى الله عليه وسلم - في مواطن الخصومة حتى لا يبرح به الحزن على عدم إسراع قومه إلى الهداية وليتفرغ لتبليغ الدعوة بعزيمة قوية وقلب مطمئن.

وكان القرآن ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيحفظه ويبلغه للناس ويأمر كتاب الوحي بكتابته ويدلهم على موضع المكتوب من سورته فيقول لهم ضعوا هذه السورة بجانب تلك السورة وضعوا هذه الآية في الموضع الذي يذكر في كذا وكذا ومن الصحابة من يكتفي بتلقيه من فيه - صلى الله عليه وسلم - فيحفظه ومنهم من كتب السورة أو الآيات أو السور ومنهم من كتبه

كله وحفظه. والذين اشتهروا بكتابة القرآن بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان ابن عثمان وعلي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وأبان بن سعيد وخالد بن الوليد وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وثابت بن قيس وغير هؤلاء من أجلاء الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين -. ولم ينقض عهده - صلى الله عليه وسلم - إلا والقرآن الكريم مكتوب كله بَيِدَ أنه لم يكن مجموعًا في مكان واحد ولا مرتب السور، وإنما لم يأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بجمع القرآن في مصحف واحد لأن اهتمام الصحابة إنما كان


(١) - وهذا الخبر مما يُستأنس به فحسب، لأنه ثبوته محل نظر. الباحث.

<<  <   >  >>