مائة في أيام عمر بن عبد العزيز، وكانت الدعوة له بـ "خراسان"، وكان ذلك في حياة أبيه علي، ودخل على محمد هذا جماعة في سنة خمس وعشرين ومائة، فقال لهم: إني ميت في سنتي هذه، وصاحبكم ابني إبراهيم على أنه مقتول، فإذا قضى اللَّه تعالى عليه بقضائه، فصاحبكم ابني عبد اللَّه بن الحارثية -يعني السفاح- فهو القائم بهذا الأمر، ويكون هلاك بني أمية على يده، ومات، وانتقلت الدعوة إلى ابنه إبراهيم، فقتله مروان الحمار سنة إحدى وثلاثين ومائة، وكان قد أوصى إلى أخيه عبد اللَّه السفاح.
وَأول خلفاء الفاطمية أَبُو مُحَمَّد عبيد اللَّه بن الْحسن الْمهْدي، بُويعَ لَهُ في سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ، وَكَانَ خُرُوجه من "القيروان" بالغرب، وَكَانَ يزْعم أَنه من ولد إسماعيل بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب، وَنسبه مطعون فِيهِ، وَكَانَ ظُهُوره إِذْ ذَاك في خلَافَة المقتدر بِاللَّه العباسي، وهو بِـ "بَغْدَاد"، فَأَقَامَ بالغرب دولته، ثمَّ الْقَائِم بِاللَّه بعده، ثمَّ الْمَنْصُور ابْنه.
وَأقَام باقيهم بِـ "مصْر"، فأولهم بهَا: الْمعز لدين اللَّه أَبُو تَمِيم الْمعدّ بن إسماعيل بن مُحَمَّد الْمهْدي، بُويعَ لَهُ بالخلافة بعد أَبِيه الْمَنْصُور بالمهدية سنة إحدى وَأَرْبَعين وَثَلَاثمائَة، ثمَّ خرج إِلَى "مصر" في سنة ثَمَان وَخمسين وَثَلَاثمائَة، وَاسْتولى عَلَيْهَا، وَهُوَ الذي بنى "الْقَاهِرَة"، مولده سنة تسع عشرَة وَثَلَاثمائَة، وعاش خمْسا وَأَرْبَعين سنهَ وَسَبْعَة أشهر، وَمَات على فرَاشه في ربيع الآخر، سنة خمس وَسِتِّينَ وَثَلَاثمائَة، وَدفن "بقرافة مصر" وَآخرهمْ العاضد لدين اللَّه، مَاتَ على فرَاشه سنة سبع وَسِتِّينَ وَخمْسمائَهَ، وَدفن بِالْقصرِ بِـ "الْقَاهِرَةِ" بِالْمَكَانِ الْمَعْرُوف بدار الضَّرْب.