للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان "أبو بكر الخُوارَزْمِيِّ يقول (١): إنّ مولانا الصاحب، نشأ من الوَزارة في حِجْرها، ودبَّ ودَرج في وَكْرِها، ورضَع أفاويقَ دَرِّها، ووَرِثها أباه، كما قال أبو سعيد الرُّسْتُمِيُّ:

وَرِثَ الوَزارةَ كابرا عن كابرٍ … مَوْصولةَ الإسْناد بالإسْناد

يَرْوِي عن العباس عَبّادٌ وَزا … رتَه وإسماعيلُ عن عبّاد

قال: ولما ملَك فخرُ الدَّولة، واستَعْفَى الصاحبُ من الوزارة، قال له: لك في هذه الدَّولة من إرْثِ الوزارة، مالنا فيه من إرْث الإمارة، فسبيلُ كلِّ مِنّا أن يحتفظ بحَقِّه.

وقال أبو عبد الله محمد بن حامد الحامِدِيِّ (٢): عَهْدِي بأبي محمد الخازِن ماثِلا بين يَدَيِ الصاحب، يُنْشده قصيدةً له فيه، أوَّلُها:

هذا فؤادُك نُهْبَى بين أهْواء … وذلك رأيُك شُورَى بين آراء (٣)

هَواك بين العيون النُّجْلِ مُقْتسم … داءٌ لعَمْرُك ما أبْلاهُ من داءِ

لا تسْتَقِرُّ بأرضٍ أو تسيرُ إلى … أُخرَى بشَخْصٍ قريبٍ عَزْمُه ناءِ

يوما بحَزْوَى ويوما بالعَقيق ويَوْ … ما باعُذَيْب ويوما بالخُلَيْصاءِ

وتارةً تنْتَحِي نَجْدا وآوِنَةً … شِعْبَ الغُوَيْرِ ويوما قَصْرَ تَيْماءِ (٤)

قال: فرأيتُ الصاحب مُقْبِلا عليه بمَجامِعه، حسنَ الإصْغاء إلى إنشادِه، مُستعِيدا أكْثَر أبياته، مُظهِرا من الإعجاب والاهْتزاز له ما يُعْجِبُ الحاضرين، فلمّا بلغ قولَه:

أدْعَى بأسْماءَ نَبْزًا في قبائِلِها … كأنَّ أسْماءَ أضْحتْ بعضَ أسمائي


(١) يتيمة الدهر ٣: ١٩٤.
(٢) يتيمة الدهر ٣: ١٩٥، ١٩٦.
(٣) في بعض النسخ "فوادك نهي".
(٤) في اليتيمة "شعب العقيق".

<<  <  ج: ص:  >  >>