الْبَاءِ وَفَتْحِ الشِّينِ يُرِيدُ بِوُجُوهٍ عَلَيْهَا الْبِشْرُ مِنْ قَوْلِهِمْ: فُلَانٌ مُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ إِذَا كَانَتْ لَهُ أَدَمَةٌ وَبَشَرَةٌ مَحْمُودَتَيْنِ. اهـ. وَالْمَعْنَى تَلَاقَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِوُجُوهٍ ذَاتِ بِشْرٍ وَبَسْطٍ. (وَإِذَا لَقُونَا) : بِضَمِّ الْقَافِ (لَقُونَا بِغَيْرِ ذَلِكَ) ؟ أَيْ بِوُجُوهٍ ذَاتِ قَبْضٍ وَعُبُوسٍ، وَكَأَنَّ وَجْهَهُ أَنَّهُمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ. (فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ، أَيْ: مِنْ إِظْهَارِ ذَلِكَ أَوْ مِنْ أَصْلِ هَذِهِ الصِّفَةِ الذَّمِيمَةِ. (حَتَّى احْمَرَّ وَجْهُهُ) أَيِ اشْتَدَّ حُمْرَتُهُ مِنْ كَثْرَةِ غَضَبِهِ (ثُمَّ قَالَ: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَدْخُلُ قَلْبَ رَجُلٍ الْإِيمَانُ ") ، أَيْ: مُطْلَقًا وَأُرِيدَ بِهِ الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ، أَوِ الْإِيمَانُ الْكَامِلُ، فَالْمُرَادُ بِهِ تَحْصِيلُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكِيدِ (" حَتَّى يُحِبَّكُمْ ") ، أَيْ: أَهْلَ الْبَيْتِ (" لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ") . أَيْ مِنْ حَيْثُ أَظْهَرَ رَسُولَهُ فِيكُمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ، وَقَدْ كَانَ يَتَفَوَّهُ أَبُو جَهْلٍ حَيْثُ يَقُولُ: إِذَا كَانَ بَنُو هَاشِمٍ أَخَذُوا الرَّايَةَ وَالسِّقَايَةَ وَالنُّبُوَّةَ وَالرِّسَالَةَ فَمَا بَقِيَ لِبَقِيَّةِ قُرَيْشٍ (" ثُمَّ قَالَ: "؟ أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ آذَى عَمِّي ") ، أَيْ: خُصُوصًا (" فَقَدْ آذَانِي ") أَيْ فَكَأَنَّهُ آذَانِي (" فَإِنَّمَا عَمُّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ ") . بِكَسْرِ الصَّادِ وَسُكُونِ نُونٍ أَيْ مِثْلُهُ، وَأَصْلُهُ أَنْ يَطَلَعَ نَخْلَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ مِنْ أَصْلِ عِرْقٍ وَاحِدٍ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُنَّ صِنْوٌ يَعْنِي مَا عَمُّ الرَّجُلِ وَأَبَوْهُ إِلَّا كَصِنْوَيْنِ مِنْ أَصْلٍ وَاحِدٍ، فَهُوَ مِثْلُ أَبِي أَوْ مِثْلِي. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) . أَيْ عَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ (وَفِي الْمَصَابِيحِ، عَنِ الْمُطَّلِبِ) . قَالَ الْمُؤَلِّفُ: هُوَ الْمُطَّلِبُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ الْقُرَشِيُّ، كَانَ عَامِلًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الْحِجَازِ. وَرَوَى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، قَدِمَ مِصْرَ لِغَزْوِ إِفْرِيقِيَّةَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ، وَلَمْ يَقَعْ إِلَى أَهْلِ الْحَدِيثِ عَنْهُ رِوَايَةٌ. اهـ. فَمَا وَقَعَ فِي الْمَصَابِيحِ سَهْوٌ سَبَبُهُ وَهْمٌ.
وَفِي الْجَامِعِ: رَوَى التِّرْمِذِيُّ! عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: الْعَبَّاسُ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ وَأَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ، وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا: " «الْعَبَّاسُ عَمِّي وَصِنْوُ أَبِي فَمَنْ شَاءَ فَلْيُبَاهِ بِعَمِّهِ» ". وَفِي ذَخَائِرِ الْعَقَبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «إِنَّ الْعَبَّاسَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَنَخْرُجُ فَنَرَى قُرَيْشًا تَتَحَدَّثُ، فَإِذَا رَأَوْنَا سَكَتُوا، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدَرَّ عِرْقُ الْغَضَبِ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " وَاللَّهِ لَا يَدْخُلُ قَلْبَ امْرِئٍ إِيمَانٌ حَتَّى يُحِبَّكُمْ لِلَّهِ وَلِقَرَابَتِي» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفَاطِمَةَ: " نَبِيُّنَا خَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ وَهُوَ أَبُوكِ، وَشَهِيدُنَا خَيْرُ الشُّهَدَاءِ وَهُوَ عَمُّ أَبِيكِ حَمْزَةُ، وَمِنَّا مَنْ لَهُ جَنَاحَانِ يَطِيرُ بِهِمَا فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ أَبِيكِ، وَمِنَّا سِبْطُ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَهُمَا ابْنَاكِ وَمِنَّا الْمَهْدِيُّ» ". أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute