الْفَصْلُ الثَّانِي
٥٧٥٤ - عَنْ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةً، فَأَطَالَهَا. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَلَّيْتَ صَلَاةً لَمْ تَكُنْ تُصَلِّيهَا، قَالَ: (أَجَلْ، إِنَّهَا صَلَاةُ رَغْبَةٍ وَرَهْبَةٍ، وَإِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ فِيهَا ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً، سَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِسَنَةٍ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ فَمَنَعَنِيهَا» " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.
ــ
٥٧٥٤ - (عَنْ خَبَّابٍ) : بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ الْأُولَى (ابْنِ الْأَرَتِّ) : بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْفَوْقِيَّةِ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ (قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةً فَأَطَالَهَا) ، أَيْ: فَجَعَلَهَا طَوِيلَةً بِاعْتِبَارِ أَرْكَانِهَا أَوْ بِالدُّعَاءِ فِيهَا (قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! صَلَّيْتَ صَلَاةً) أَيْ: عَظِيمَةً (لَمْ تَكُنْ تُصَلِّيهَا) ، أَيْ: عَادَةً (قَالَ: (أَجَلْ) أَيْ: نَعَمْ (إِنَّهَا صَلَاةُ رَغْبَةٍ) أَيْ: رَجَاءٍ (وَرَهْبَةٍ) أَيْ: خَوْفٍ. قَالَ شَارِحٌ أَيْ: صَلَاةٌ فِيهَا رَجَاءٌ لِلثَّوَابِ وَرَغْبَةٌ إِلَى اللَّهِ وَخَوْفٌ مِنْهُ تَعَالَى. قُلْتُ: الْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ هَذِهِ صَلَاةٌ جَامِعَةٌ بَيْنَ قَصْدِ رَجَاءِ الثَّوَابِ، وَخَوْفِ الْعِقَابِ، بِخِلَافِ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، إِذْ قَدْ يَغْلِبُ فِيهَا أَحَدُ الْبَاعِثَيْنِ عَلَى أَدَائِهَا. قَالُوا: وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} [السجدة: ١٦] بِمَعْنَى أَوْ لِمَانِعَةِ الْخُلُوِّ، ثُمَّ لَمَّا كَانَ سَبَبَ صَلَاتِهِ الدُّعَاءُ لِأُمَّتِهِ وَهُوَ كَانَ بَيْنَ رَجَاءِ الْإِجَابَةِ وَخَوْفِ الرَّدِّ طَوَّلَهَا، وَلِذَا قَالَ: (وَإِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ فِيهَا ثَلَاثًا) ، أَيْ: ثَلَاثَ مَسَائِلَ (فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً) ، تَصْرِيحٌ بِمَا عَلِمَ ضِمْنًا (سَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِسَنَةٍ) أَيْ: بِقَحْطٍ عَامٍّ، وَفِي مَعْنَاهُ الْوَبَاءُ، وَالْمَقْصُودُ أَنْ لَا يَهْلِكُوا بِالِاسْتِئْصَالِ (فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ) : وَهُمُ الْكُفَّارُ، لِأَنَّ الْعَدُوَّ مِنْ أَنْفُسِهِمْ أَهْوَنُ، وَلَا يَحْصُلُ بِهِ الْهَلَاكُ الْكُلِّيُّ وَلَا إِعْلَاءُ كَلِمَتِهِ السُّفْلَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute