وَفَوْقَ التِسْعِينَ فَمَنْ قَالَ: تِسْعُونَ أَلْغَى الْكَسْرَ، وَمَنْ قَالَ: مِائَةً أَتَى بِالْجَبْرِ (كُلُّهُنَّ) أَيْ: كُلُّ وَاحِدَةٍ (تَأْتِي بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) : وَهَذِهِ نِيَّةٌ حَسَنَةٌ إِلَّا أَنَّهَا غَيْرُ مَبْنِيَّةٍ عَلَى الْمَشِيئَةِ. (فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ) أَيْ: الْمُوَكَّلُ عَلَى يَمِينِهِ، أَوْ جِبْرِيلُ، أَوْ غَيْرُهُمَا، أَوِ الْمُرَادُ بِهِ إِبْهَامُهُ أَوْ إِلْهَامُهُ (قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَلَمْ يَقُلْ) أَيْ: اكْتِفَاءً بِمَا فِي الْجِنَانِ عَنِ الْبَيَانِ بِاللِّسَانِ (وَنَسِيَ) كَعَلِمَ، وَرُوِيَ بِضَمِّ النُّونِ وَتَشْدِيدِ السِّينِ، وَهُوَ أَحْسَنُ أَيْ: حَصَلَ لَهُ النِّسْيَانُ بِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ أَكْمَلُ عِنْدَ أَرْبَابِ الْجَمْعِ وَأَصْحَابِ الْعِرْفَانِ، أَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ وَنَسِيَ، (فَطَافَ عَلَيْهِنَّ، فَلَمْ تَحْمَلْ مِنْهُنَّ) أَيْ: لَمْ تَحْبَلْ (إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ جَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ) ، أَيْ بِنِصْفِهِ، أَوْ بَعْضِهِ حَيْثُ عَدَلَ عَنْ شَتَّى الصَّوَابِ وَصَوْبِ الْكَمَالِ، (وَاَيْمُ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ) ، تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى أَيْمُ لَفْظًا وَمَعْنَى، وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: هُنَا الْأَصْلُ. فِي " أَيْمُ " اللَّهِ أَيْمُنُ اللَّهِ حُذِفَ مِنْهُ النُّونُ، وَهُوَ اسْمٌ وُضِعَ لِلْقَسَمِ هَكَذَا بِضَمِّ الْمِيمِ وَالنُّونِ، وَأَلِفُهُ أَلْفُ وَصْلٍ عِنْدَ أَكْثَرِ النَّحْوِيِّينَ، وَلَمْ تَجِئْ فِي الْأَسْمَاءِ أَلِفُ الْوَصْلِ مَفْتُوحَةً غَيْرُهَا، وَتَقْدِيرُهُ أَيْمُنُ اللَّهِ قَسَمِي، وَإِذَا حُذِفَ عَنْهُ النُّونُ قِيلَ: أَيْمُ اللَّهِ وَإِيمُ اللَّهِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَيْضًا (لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَجَاهَدُوا) أَيْ: لَوُجِدُوا وَوُلِدُوا وَكَبِرُوا وَقَاتَلُوا الْكُفَّارَ (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أَيْ: طَرِيقِ رِضَاهُ (فُرْسَانًا) : حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ جَاهَدُوا (أَجْمَعُونَ) : تَأْكِيدٌ لِلضَّمِيرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ أَجْمَعِينَ عَلَى الْحَالِ، وَالرِّوَايَةُ الْمُعْتَدُّ بِهَا أَجْمَعُونَ بِالرَّفْعِ. قِيلَ: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ عَقِيبَ قَوْلِهِ إِنِّي أَعْمَلُ كَذَا: إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَبَرُّكًا وَتَيَمُّنًا وَتَسْهِيلًا لِذَلِكَ الْعَمَلِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى؟ {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا - إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: ٢٣ - ٢٤] . (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . وَلَفْظُ الْجَامِعِ: ( «قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى مِائَةِ امْرَأَةٍ، كُلُّهُنَّ تَأْتِي بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: قُلْ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَطَافَ عَلَيْهِنَّ، فَلَمْ تَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ جَاءَتْ بِشِقِّ إِنْسَانٍ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَانَ دَرَكًا لِحَاجَتِهِ» ) . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute