للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

٥٦٣٤ - وَعَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} [الواقعة: ٣٤] قَالَ: " ارْتِفَاعُهَا لَكَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.

ــ

٥٦٣٤ - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ (عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} [الواقعة: ٣٤] قَالَ: (ارْتِفَاعُهَا) أَيِ اعْتِلَاءُ فُرُشِ الْجَنَّةِ، أَوِ ارْتِفَاعُ الدَّرَجَةِ الَّتِي فُرِشَتِ الْفُرُشُ الْمَرْفُوعَةُ فِيهَا (لَكَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) : خَبَرٌ لِارْتِفَاعِهَا، كَقَوْلِهِ: (مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ) أَوِ الثَّانِي بَدَلٌ أَوْ بَيَانٌ، ثُمَّ دُخُولُ اللَّامِ فِي خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ كَمَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:

أَمُّ الْحُلَيْسِ لَعَجُوزٌ شَهْرَبَهْ ... تَرْضَى مِنَ اللَّحْمِ بِعَظْمِ الرَّقَبَهْ

وَالشَّهْرَبَةُ: الْعَجُوزُ الْكَبِيرَةُ، وَمِثْلُهُ الشَّهِيرَةُ عَلَى مَا فِي الصِّحَاحِ، وَالْكَافُ فِي (لَكَمَا) اسْمٌ. قَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [طه: ٦٣] قَالَتِ النُّحَاةُ الْقُدَمَاءُ: إِنَّ الضَّمِيرَ فِيهِ مُضْمَرٌ أَيْ: إِنَّهُ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ. قَالُوا: وَأَصْلُ هَذِهِ اللَّامِ أَنْ تَقَعَ فِي الْمُبْتَدَأِ، وَوُقُوعُهَا فِي الْخَبَرِ جَائِزٌ، هَذَا وَفِي الْكَشَّافِ فِي قَوْلِهِ: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} [الواقعة: ٣٤] أَيْ نُضِدَتْ حَتَّى ارْتَفَعَتْ، أَوْ مَرْفُوعَةٌ عَلَى الْأَسِرَّةِ، وَقِيلَ: هِيَ النِّسَاءُ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ يُكَنَّى عَنْهَا بِالْفِرَاشِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً} [الواقعة: ٣٥] وَعَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ أُضْمِرَ لَهُنَّ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْفُرُشِ وَهِيَ الْمَضَاجِعُ دَلَّ عَلَيْهِنَّ، انْتَهَى. فَهُنَّ مَرْفُوعَةٌ عَلَى الْفُرُشِ أَوِ السُّرُرِ أَوْ بِالْجَمَالِ عَلَى نِسَاءِ أَهْلِ الدُّنْيَا عَلَى مَا قِيلَ، فَإِنَّ كُلَّ فَاضِلٍ رَفِيعٌ، لَكِنْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُؤْمِنَاتِ أَحْسَنُ مِنَ الْحُورِ؛ لِصَلَاتِهِنَّ وَصِيَامِهِنَّ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَوْلُ مَنْ قَالَ: الْمُرَادُ مِنْهُ ارْتِفَاعُ الْفُرُشِ الْمَرْفُوعَةِ فِي الدَّرَجَاتِ، وَمَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ مِنَ الدَّرَجَاتِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، هَذَا الْقَوْلُ أَوْثَقُ وَأَعْرَفُ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ، وَذَلِكَ لِمَا فِي الْحَدِيثِ: «إِنَّ لِلْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ، مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» . انْتَهَى. وَعَارَضَهُ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِمَا لَا طَائِلَ تَحْتَهُ، فَأَعْرَضْتُ عَنْ ذِكْرِهِ وَتَرَكْتُ بَحْثَهُ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) أَيْ: مَوْقُوفٌ (وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>