عَلَى دَارِ الثَّوَابِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: اللَّاحِقَةُ؛ لِلْإِعْلَامِ لِكَوْنِهَا غَيْرَ لَازِمَةٍ لِلَّامِ، وَتَحْقِيقُ الْقَوْلِ أَنَّهَا مَنْقُولُ شَرْعِيَّةٍ عَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيبِ، وَإِنَّمَا تُغَلَّبَ إِذَا كَانَتْ مَوْجُودَةً مَعْهُودَةً، وَكَذَلِكَ اسْمُ النَّارِ مَنْقُولَةٌ لِدَارِ الْعِقَابِ عَلَى سَبِيلِ الْغَلَبَةِ، وَإِنِ اشْتَمَلَتْ عَلَى الزَّمْهَرِيرِ وَالْمُهْلِ وَالضَّرِيعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا كَانَ يُغْنِي عَنْ طَلَبِ الْقُصُورِ وَالْحُورِ وَالْوِلْدَانِ بِالْجَنَّةِ، وَلَا عَنْ طَلَبِ الْوِقَايَةِ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ وَالْمُهْلِ وَالضَّرِيعِ عَنْ مُطْلَقِ النَّارِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) ، وَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ غَيْرِ قَوْلِهِ: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ. . . إِلَى آخِرِهِ، عَلَى مَا فِي الْجَامِعِ فَهُوَ يُؤَيِّدُ كَوْنَهُ مَوْقُوفًا. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ مَرْفُوعًا وَلَفْظُهُ: ( «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ أَحَدٍ» ) . وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَالْبَزَّارُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَلَفْظُهُ: ( «فِي الْجَنَّةِ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ» ) . وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا، قَالَ: ( «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى جَنَّةَ عَدْنٍ خَلَقَ فِيهَا مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ» ) . ثُمَّ قَالَ لَهَا: تَكَلَّمِي، فَقَالَتْ: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: ١] ، هَذَا وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: سَبَبُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - سَأَلَ رَبَّهُ: مَنْ أَعْظَمُ أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً؟ فَقَالَ: غَرَزْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا، فَلَا عَيْنٌ رَأَتْ. . . وَإِلَى آخِرِهِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ، انْتَهَى. وَلَا يَخْفَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي " {مَا أُخْفِيَ لَهُمْ} [السجدة: ١٧] " لِقَوْمٍ خَاصٍّ. {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة: ١٦] وَالْمُرَادُ الْمُتَهَجِّدُونَ وَالْأَوَّابُونَ، وَلَمَّا أَخْفَوْا أَعْمَالَهُمْ عَنْ أَعْيُنِ الْعِبَادِ جُوزُوا بِإِخْفَاءِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ مَا أَرَادَ لَهُمْ مِنَ الْإِعْدَادِ جَزَاءً وِفَاقًا عَلَى حَسَبِ مَا وُفِّقُوا مِنَ الْإِمْدَادِ وَالْإِسْعَادِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute