يُعْبَدْنَ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ لِأُمِّهِ: مَنْ رَبِّي؟ فَقَالَتْ: أَنَا، فَقَالَ: مَنْ رَبُّكِ؟ قَالَتْ: أَبُوكَ، قَالَ: مَنْ رَبُّهُ؟ قَالَتْ: نُمْرُوذُ، قَالَ: مَنْ رَبُّهُ؟ قَالَتْ هُوَ الرَّبُّ الْأَكْبَرُ ; لِأَنَّ جُنْدَهُ أَكْثَرُ، فَقَالَ لِأُمِّهِ: إِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَلِأَيِّ شَيْءٍ صُورَتُهُ قَبِيحَةٌ وَصُورَةُ غِلْمَانِهِ مَلِيحَةٌ؟ وَخُلَاصَةُ الْكَلَامِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - جَعَلَ ذَلِكَ الْعَيْبَ الْأَكْبَرَ، وَالنُّقْصَانَ الْأَظْهَرَ عَلَامَةَ كَذِبِهِ وَكُفْرِهِ ; لِئَلَّا يَبْقَى لِلنَّاسِ عُذْرٌ فِي قَبُولِ تَلْبِيسِهِ وَمَكْرِهِ، مَعَ أَنَّ الدَّلَائِلَ الْعَقْلِيَّةَ وَالْبَرَاهِينَ النَّقْلِيَّةَ تَشْهَدُ عَلَى أَنَّ الْجِسْمَ لَا يَكُونُ إِلَهًا، وَأَنَّ الْحَادِثَ الْمَعْيُوبَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْبُودًا. (" مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ك ف ر ") ، فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ دَاعٍ إِلَى الْكُفْرِ، لَا إِلَى الرُّشْدِ، فَيَجِبُ اجْتِنَابُهُ، وَهَذِهِ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ مِنَ اللَّهِ فِي حَقِّ هَذِهِ الْأُمَّةِ حَيْثُ ظَهَرَ رَقْمُ الْكُفْرِ بَيْنَ عَيْنَيْهِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّنْصِيصِ أَنْ لَا يُتَوَهَّمَ فِيهِ السَّمَاحَةُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى. قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: هُوَ بَيَانُ عَلَامَةٍ تَدُلُّ عَلَى كَذِبِ الدَّجَّالِ دَلَالَةً قَطْعِيَّةً بَدِيهِيَّةً يُدْرِكُهَا كُلُّ أَحَدٍ، وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى لُحُوقِهَا جِسْمًا، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الدَّلَائِلِ الْقَطْعِيَّةِ ; لِكَوْنِ بَعْضِ الْعُقُولِ لَا يَهْتَدِي إِلَيْهَا. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute