٤١٠ - وَعَنْ أَبِي حَيَّةَ قَالَ: «رَأَيْتُ عَلِيًّا تَوَضَّأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ حَتَّى أَنْقَاهُمَا، ثُمَّ مَضْمَضَ ثَلَاثًا وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَذِرَاعَهُ ثَلَاثًا، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً، ثُمَّ غَسَلَ قَدَمَهُ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قَامَ فَأَخَذَ فَضْلَ طَهُورِهِ فَشَرِبَهُ وَهُوَ قَائِمٌ، ثُمَّ قَالَ: أَحْبَبْتُ أَنْ أُرِيَكُمْ كَيْفَ كَانَ طَهُورُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.
ــ
٤١٠ - (وَعَنْ أَبِي حَيَّةَ) : بِالتَّحْتَانِيَّةِ قَالَهُ مِيرَكُ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: هُوَ عَمْرُو بْنُ نَصْرٍ الْهَمْدَانِيُّ، زَادَ الْمُصَنِّفُ: رَوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ) : أَيْ: شَرَعَ فِي الْوُضُوءِ أَوْ أَرَادَهُ، فَالْفَاءُ تَعْقِيبِيَّةٌ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا لِتَفْصِيلِ مَا أُجْمِلَ فِي قَوْلِهِ: تَوَضَّأَ. وَالْمُرَادُ بِالْكَفَّيْنِ الْيَدَانِ إِلَى الرُّسْغَيْنِ (حَتَّى أَنْقَاهُمَا) : أَيْ: أَزَالَ الْوَسَخَ عَنْهُمَا، وَالرِّوَايَاتُ الْأُخَرُ تَدُلُّ عَلَى التَّثْلِيثِ (ثُمَّ مَضْمَضَ ثَلَاثًا، وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا) : ظَاهِرُهُ الْفَصْلُ الْمُطَابِقُ لِمَذْهَبِنَا ( «وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَذِرَاعَيْهِ» " أَيْ: يَدَيْهِ مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ (ثَلَاثًا، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً) : فِيهِ دَلِيلٌ لِعَدَمِ التَّثْلِيثِ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَأَمَّا حَمْلُهُ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ فَمَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا لَيْسَ بِمُشَرِّعٍ، وَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ أَنَّهُ يُرِيدُ الْإِعْلَامَ بِأَنَّهُ عِنْدَ الشَّارِعِ جَائِزٌ، فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَ سَائِرَ السُّنَنِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ وَخَفَّفَ فِي طَهَارَتِهِ دُونَ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ مَسْتُورٌ غَالِبًا - فَمَدْفُوعٌ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ الْحُكْمِيَّةَ لَا فَرْقَ فِي سَتْرِ أَعْضَائِهَا وَكَشْفِهَا، مَعَ أَنَّهُ يَرُدُّهُ غَسْلُ قَدَمَيْهِ مَرَّةً عَلَى ظَاهِرِهِ (ثُمَّ غَسَلَ قَدَمَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) : أَيْ: مَعَهُمَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَسَلَهُمَا ثَلَاثًا، وَلَعَلَّ الرَّاوِيَ تَرَكَهُ لِظُهُورِهِ أَوْ لِلْمُقَايَسَةِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ الْمَغْسُولَةِ، إِذَا يُسْتَبْعَدُ أَنْ يُمَضْمِضَ وَيَسْتَنْشِقَ ثَلَاثًا، وَيَكْتَفِيَ فِي غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ بِمَرَّةٍ، وَلِذَا لَمْ يَقُلِ الرَّاوِي: مَرَّةً، وَيُمْكِنُ أَنَّهُ حَصَلَ لَهُ التَّرَدُّدُ أَوْ وَقَعَ الْحَذْفُ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ نِسْيَانًا أَوِ اخْتِصَارًا (ثُمَّ قَامَ) : أَيْ: عَلِيٌّ (فَأَخَذَ فَضْلَ طَهُورِهِ) بِفَتْحِ الطَّاءِ لَا غَيْرَ، قَالَهُ الْكَازَرُونِيُّ أَيْ: بَقِيَّةَ مَائِهِ الَّذِي تَوَضَّأَ بِهِ (فَشَرِبَهُ وَهُوَ قَائِمٌ) : الْجُمْلَةُ حَالٌ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: أَمَّا شُرْبُ فَضْلِهِ فَلِأَنَّهُ مَاءٌ أَدَّى بِهِ عِبَادَةً وَهِيَ الْوُضُوءُ، فَيَكُونُ فِيهِ بَرَكَةٌ فَيَحْسُنُ شُرْبُهُ قَائِمًا تَعْلِيمًا لِلْأُمَّةِ أَنَّ الشُّرْبَ قَائِمًا جَائِزٌ فِيهِ (ثُمَّ قَالَ) : أَيْ: عَلِيٌّ ( «أَحْبَبْتُ أَنْ أُرِيَكُمْ كَيْفَ كَانَ طُهُورُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ) . قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: بِضَمِّ الطَّاءِ أَيْ وُضَوْءُهُ وَطَهَارَتِهِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْفَتْحِ، وَالتَّقْدِيرُ اسْتِعْمَالُهُ أَوْ هُوَ بِمَعْنَى الضَّمِّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ وُضُوءُهُ دَائِمًا عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ بَلْ مُرَادُهُ بَيَانُ الْهَيْئَةِ الْإِجْمَالِيَّةِ فِي الْأَفْعَالِ الْمَرْئِيَّةِ، فَلَا يُنَافِي مَا وَرَدَ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي بَعْضِ الرَّاوِيَاتِ مِنِ اخْتِلَافِ الْمَرَّاتِ، أَوْ أُرِيدَ مَا اسْتَقَرَّ فِي الشَّرْعِ وُضُوءُهُ أَوْ مَا وَقَعَ مِنْهُ فِي أَوَاخِرِ عُمُرِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَالنَّسَائِيُّ) : رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا، قَالَهُ مِيرَكُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute