(خَلْقَ اللَّهِ) : وَالْجُمْلَةُ كَالتَّعْلِيلِ لِوُجُوبِ اللَّعْنِ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ (فَجَاءَتْهُ) : أَيْ: ابْنَ مَسْعُودٍ (امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنَّهُ) : أَيِ الشَّأْنَ (بَلَغَنِي أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ) : أَيِ الْوَاشِمَاتِ وَمَا بَعْدَهُنَّ، وَالْمَعْنَى أُخْبِرْتُ أَنَّكَ أَخْبَرْتَ عَنْ لَعْنِ اللَّهِ، أَوْ أَنْشَأْتَ اللَّعْنَ مِنْ عِنْدِكَ عَلَى الْمَذْكُورَاتِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ لَعْنُهُنَّ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَلَا يَجُوزُ لَعْنُ مَنْ لَمْ يَلْعَنْهُ اللَّهُ، (فَقَالَ) : أَيِ ابْنُ مَسْعُودٍ (مَا لِي) : " مَا " نَافِيَةٌ أَوِ اسْتِفْهَامِيَّةٌ وَالْمَعْنَى كَيْفَ (لَا أَلْعَنُ مِنْ لَعَنَ) : أَيْ لَعَنَهُ (رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) : فَصَارَ الْحَدِيثُ مَرْفُوعًا بَعْدَمَا كَانَ مَوْقُوفًا (وَمَنْ هُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ) : عَطْفٌ عَلَى الْمَوْصُولِ الْأَوَّلِ أَيْ وَمَنْ هُوَ مَلْعُونٌ فِيهِ أَيْ مَذْكُورٌ فِيهِ لَعْنُهُ ضِمْنًا، وَلَمَّا أَبْهَمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا سَارَعَتْ (فَقَالَتْ: لَقَدْ قَرَأْتُ) : فِي كِتَابِ اللَّهِ أَيْ (مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ) : أَيِ الدَّفَّتَيْنِ، الْمُرَادُ أَوَّلُ الْقُرْآنِ وَآخِرُهُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِيعَابِ بِذِكْرِ الطَّرَفَيْنِ، وَكَأَنَّهَا أَرَادَتْ بِاللَّوْحَيْنِ جِلْدَيْ أَوَّلِ الْمُصْحَفِ وَآخِرِهِ أَيْ قَرَأْتُ جَمِيعَ الْقُرْآنِ (فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ مَا تَقُولُ) : أَيْ صَرِيحًا (قَالَ: لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ) : بِإِشْبَاعِ كَسْرَةِ التَّاءِ إِلَى تَوَلُّدِ الْيَاءِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: اللَّامُ الْأُولَى مُوَطِّئَةٌ لِلْقَسَمِ، وَالثَّانِيَةُ لِجَوَابِ الْقَسَمِ الَّذِي سَدَّ مَسَدَّ جَوَابِ الشَّرْطِ أَيْ لَوْ قَرَأْتِيهِ بِالتَّدَبُّرِ وَالتَّأَمُّلِ لَعَرَفْتِ ذَلِكَ. (أَمَا قَرَأْتِ) : هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيَّةُ وَمَا النَّافِيَةُ وَمَفْعُولُهُ (قَوْلُهُ: مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ) : وَفِي نُسْخَةٍ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧] : فَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ (قَالَتْ: بَلَى. قَالَ: فَإِنَّهُ) : أَيِ الرَّسُولَ الْمَذْكُورَ (قَدْ نَهَى عَنْهُ) : وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْعِبَادُ مَأْمُورِينَ بِانْتِهَاءِ مَا نَهَاهُمُ الرَّسُولُ، وَقَدْ نَهَاهُمْ عَنِ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ، فَكَانَ جَمِيعُ مَنْهِيَّاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْهِيًّا مَذْكُورًا فِي الْقُرْآنِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ لَعْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوَاشِمَاتِ. . إِلَخْ كَلَعْنِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَجِبُ أَنْ يُؤْخَذَ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إِلَى قَوْلِهِ: خَلْقَ اللَّهِ، وَقَالَ: رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ وَالْأَرْبَعَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute