للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٠٢٩ - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ: " «مَنْ يَنْظُرُ لَنَا مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ؟ " فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرَدَ. قَالَ: " فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، فَقَالَ: أَنْتَ أَبُو جَهْلٍ؟ . فَقَالَ: " وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ؟ . وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: فَلَوْ غَيْرُ أَكَّارٍ قَتَلَنِي» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٤٠٢٩ - (وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ: " مَنْ يَنْظُرُ ") أَيْ: يُبْصِرُ وَيَتَحَقَّقُ (" لَنَا مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ ") : بِصِيغَةِ الْمَعْلُومِ أَيْ: مِنَ الْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ وَالْهَلَاكِ وَالْخَلَاصِ، وَلَوْ رُوِيَ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ أَيْ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِهِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: " مَا " اسْتِفْهَامِيَّةٌ عُلِّقَ لِمَعْنَى يَنْظُرُ أَيْ: مَنْ يَتَأَمَّلُ لِأَجْلِنَا مَا حَالُ أَبِي جَهْلٍ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَسَبَبُ السُّؤَالِ أَنْ يُسَرَّ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ، (فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرَدَ) أَيْ: قَرُبَ مِنَ الْمَوْتِ، وَفِي الْقَامُوسِ: بَرَدَ مَاتَ. قَالَ الطِّيبِيُّ: مَحْمُولٌ عَلَى الْمُشَارَفَةِ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ: فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، وَبِدَلِيلِ رِوَايَةٍ أُخْرَى: حَتَّى بَرَكَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْكَافِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: بَرَكَ بِالْكَافِ، وَالْمُرَادُ بِهِ سَقَطَ يَعْنِي أَنَّ ابْنَ عَفْرَاءَ بَرَكَاهُ عَقِيرًا (قَالَ) أَيْ: أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (فَأَخَذَ) أَيِ: ابْنُ مَسْعُودٍ (بِلِحْيَتِهِ) : الْبَاءُ زَائِدَةٌ لِتَأْكِيدِ التَّعْدِيَةِ أَيْ: تَنَاوَلَهَا (فَقَالَ: أَنْتَ أَبُو جَهْلٍ. فَقَالَ: وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ) أَيْ: مِنِّي (قَتَلْتُمُوهُ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: لَمَّا بَالَغَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي إِهَانَتِهِ وَتَحْقِيرِهِ بِأَخْذِ لِحْيَتِهِ وَنَبْزِهِ بِأَبِي جَهْلٍ أَجَابَهُ بِهَذَا الْجَوَابِ اهـ. وَالْأَزْهَرُ أَنَّهُ أَرَادَ تَعْظِيمَ شَأْنِهِ فِي تِلْكَ الْحَالِ أَيْضًا، فَإِنَّ الشَّخْصَ كَمَا يَعِيشُ يَمُوتُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ وَاحِدٍ قَتَلْتُمُوهُ لِعَدَمِ إِطْلَاعِهِ عَلَى قَتْلِ غَيْرِهِ (وَفِي رِوَايَةٍ. قَالَ فَلَوْ غَيْرُ أَكَّارٍ) : بِتَشْدِيدِ الْكَافِ، وَالْمَعْنَى لَا عَارَ عَلَيَّ مِنْ قَتْلِكُمْ إِيَّايَ فَلَوْ غَيْرُ زَرَّاعٍ (قَتَلَنِي) : لَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ وَأَعْظَمَ لِشَأْنِي فِي النِّهَايَةِ: الْأَكَّارُ الزَّرَّاعُ أَرَادَ بِهِ احْتِقَارَهُ وَانْتِقَاصَهُ كَيْفَ مِثْلُهُ لِقَتْلِ مِثْلِهِ؟ وَقَالَ النَّوَوِيُّ: أَشَارَ أَبُو جَهْلٍ بِهِ إِلَى ابْنَيْ عَفْرَاءَ اللَّذَيْنِ قَتَلَاهُ وَهُمَا مِنَ الْأَنْصَارِ، وَهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ وَنَخْلٍ، وَمَعْنَاهُ لَوْ كَانَ الَّذِي قَتَلَنِي غَيْرُ أَكَّارٍ لَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ وَأَعْظَمَ لِشَأْنِي. قَالَ الطِّيبِيُّ وَغَيْرُهُمَا: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا بِفِعْلٍ يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَهُ ; لِأَنَّ مَدْخُولَ لَوْ فَعَلَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ} [الإسراء: ١٠٠] يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ لَوْ عَلَى التَّمَنِّي فَلَا يَقْتَضِي جَوَابًا. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>