" وَمِنْ " فِي مِنْهُمُ ابْتِدَائِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِوَضَعَ أَيْ: أَنْشَأَ وَأَصْدَرَ وَضْعَكَ مِنْهُمْ أَيْ: لَا نُنْكِرُ فَضْلَهُمْ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْشَأَكَ مِنْهُمْ لَا مِنَّا. (أَرَأَيْتَ) أَيْ: أَخْبِرْنَا (إِخْوَانَنَا) : بِالنَّصْبِ وَفِي نُسْخَةٍ بِالرَّفْعِ (مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ) : بَيَانٌ لِإِخْوَانِنَا (أَعْطَيْتَهُمْ وَتَرَكْتَنَا) عَطْفٌ، أَوْ حَالٌ. قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: يَجُوزُ نَصْبُ إِخْوَانِنَا عَلَى شَرِيطَةِ النَّفْسِ، يَعْنِي أَعْطَيْتَ، وَقَوْلُهُ: مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ حَالٌ وَالرَّفْعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ،. وَمِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ خَبَرُهُ أَعْطَيْتَهُمْ وَهُوَ الْمُسْتَخْبَرُ عَنْهُ، وَالْجُمْلَةُ مُوَطِّئَةٌ (وَإِنَّمَا قَرَابَتُنَا) أَيْ: بَنُو نَوْفَلٍ، وَمِنْهُمْ جُبَيْرٌ، وَبَنُو عَبْدِ شَمْسٍ، وَمِنْهُمْ عُثْمَانُ (وَقَرَابَتُهُمْ) : يَعْنِي بَنِي الْمُطَّلِبِ (وَاحِدَةٌ) أَيْ: مُتَّحِدَةٌ ; لِأَنَّ أَبَاهُمْ أَخُو هَاشِمٍ وَآبَاؤُنَا كَذَلِكَ، (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ هَكَذَا (وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ) : تَفْسِيرٌ لِهَذَا، وَالتَّشْبِيكُ إِدْخَالُ شَيْءٍ فِي شَيْءٍ أَيْ: أَدْخَلَ أَصَابِعَ إِحْدَى يَدَيْهِ بَيْنَ أَصَابِعِ يَدِهِ الْأُخْرَى، وَالْمَعْنَى كَمَا أَنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْأَصَابِعِ دَاخِلَةٌ فِي بَعْضٍ، كَذَلِكَ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ، كَانُوا مُتَرَافِقِينَ مُخْتَلِطِينَ فِي الْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ مِنْ أَقَارِبِنَا، فَلَمْ يَكُنْ مُوَافِقًا لِبَنِي هَاشِمٍ، قِيلَ: أَرَادَ بِهِ الْمُخَالَطَةَ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ قُرَيْشًا وَبِنِي كِنَانَةَ حَالَفَتْ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ) عَلَى أَنْ لَا يُنَاكِحُوهُمْ وَلَا يُبَايِعُوهُمْ، حَتَّى يُسَلِّمُوا إِلَيْهِمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ نَحْوُهُ) أَيْ: مِثْلُهُ فِي الْمَعْنَى مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْمَبْنَى (وَفِيهِ) أَيْ: فِي مَرْوِيِّهِمَا (" أَنَا ") : بِالتَّخْفِيفِ (" وَبَنُو الْمُطَّلِبِ ") : بِالْوَاوِ وَفِي نُسْخَةٍ إِنَّا بِالتَّشْدِيدِ وَكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ بِالْيَاءِ (" «لَا نَفْتَرِقُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسْلَامٍ، وَإِنَّمَا نَحْنُ وَهُمْ شَيْءٌ وَاحِدٌ» ") : بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسَبَقَ مَا فِيهِ مِنَ الْخِلَافِ اللَّفْظِيِّ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الْحُكْمِ الْفِقْهِيِّ (وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute