٣٨٤٤ - وَعَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «آذَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْغَزْوِ وَأَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ لَيْسَ لِي خَادِمٌ، فَالْتَمَسْتُ أَجِيرًا يَكْفِينِي، فَوَجَدْتُ رَجُلًا سَمَّيْتُ لَهُ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ فَلَمَّا حَضَرَتْ غَنِيمَةٌ، أَرَدْتُ أَنْ أُجْرِيَ لَهُ سَهْمَهُ، فَجِئْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرْتُ لَهُ. فَقَالَ: " مَا أَجِدُ لَهُ فِي غَزْوَتِهِ هَذِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا دَنَانِيرَهُ الَّتِي تُسَمِّي» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ــ
٣٨٤٤ - (وَعَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ) : بِالتَّصْغِيرِ (قَالَ: آذَنَ) : بِالْمَدِّ ; أَيْ أَعْلَمَ، أَوْ نَادَى (رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْغَزْوِ: أَيْ بِالْخُرُوجِ لِلْغَزْوِ (وَأَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ لَيْسَ لِي خَادِمٌ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: (لَيْسَ لِي خَادِمٌ) صِفَةُ (شَيْخٌ) ; أَيْ: لَيْسَ لِي مَنْ يَخْدِمُنِي فِي الْغَزْوِ وَيُعَاوِنُنِي اه. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خَبَرٌ ثَانٍ، أَوْ حَالٌ مِنَ الْمُبْتَدَأِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُجَوِّزُهُ، وَلَوْ كَانَ صِفَةَ شَيْخٍ لَقَالَ: لَيْسَ لِي خَادِمٌ (فَالْتَمَسْتُ) : أَيْ طَلَبْتُ (أَجِيرًا يَكْفِينِي، فَوَجَدْتُ رَجُلًا سَمَّيْتُ لَهُ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ: وَفِي نُسْخَةٍ: سُمِّيَ ; أَيْ عُيِّنَ لَهُ ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ، وَلَعَلَّهَا مَا عَدَا الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَتَوَابِعَهَا (فَلَمَّا حَضَرَتْ غَنِيمَةٌ) : أَيْ وَقَعَتْ وَحَصَلَتْ (أَرَدْتُ أَنْ أُجْرِيَ) : مِنِ الْإِجْرَاءِ ; أَيْ أُمْضِيَ (لَهُ سَهْمَهُ) : أَيْ رَاكِبًا، أَوْ مَاشِيًا كَسَائِرِ الْغُزَاةِ. فَتَرَدَّدْتُ فِي جَوَازِهِ وَعَدَمِهِ (فَجِئْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرْتُ لَهُ) : أَيِ الْقَضِيَّةَ (قَالَ: مَا أَجِدُ) : أَيْ مَا أَعْرِفُ (لَهُ فِي غَزْوَتِهِ هَذِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا دَنَانِيرَهُ الَّتِي تُسَمَّى) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ ; أَيْ تُعَيَّنُ، وَلَعَلَّ اخْتِيَارَ الْمُضَارِعِ لِاسْتِحْضَارِ الْحَالِ الْمَاضِيَةِ وَتَقْبِيحِ حَالِهِ فِي مَيْلِهِ إِلَى الْمَالِ وَإِعْرَاضِهِ عَنِ الْمَآلِ. فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: اخْتَلَفُوا فِي الْأَجِيرِ لِلْعَمَلِ وَحِفْظِ الدَّوَابِّ يَحْضُرُ الْوَاقِعَةَ هَلْ يُسْهَمُ لَهُ؟ فَقِيلَ: لَا سَهْمَ لَهُ، قَاتَلَ أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ إِنَّمَا لَهُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَإِسْحَاقَ وَأَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ: يُسْهَمُ لَهُ كَانَ لَمْ يُقَاتِلْ إِذَا كَانَ مَعَ النَّاسِ عِنْدَ الْقِتَالِ، وَقِيلَ: يُخَيَّرُ بَيْنَ الْأُجْرَةِ وَالسَّهْمِ اه. وَيَظْهَرُ لِي قَوْلٌ - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِهِ - أَنَّهُ إِذَا قَاتَلَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِي إِجَارَتِهِ الْقِتَالَ يُجْمَعُ لَهُ مِنَ الْأُجْرَةِ وَالسَّهْمِ ; لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَنَافِيَيْنِ بَلْ مُتَعَاضِدَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَاعِدَةِ مَذْهَبِنَا السَّابِقِ بِأَنَّ الْإِجَارَةَ يَجْتَمِعَانِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute