٢٥٤ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ: عِلْمًا عَلِمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، أَوْ مُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ، تَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ» ". رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي (شُعَبِ الْإِيمَانِ)
ــ
٢٥٤ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ) : خَبَرُ إِنَّ: أَيْ كَائِنٌ مِمَّا يَلْحَقُهُ، وَاسْمُهَا عِلْمًا وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ تَبْعِيضِيَّةً لِأَنَّهُ يُنَافِي الْحَصْرَ الَّذِي فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: يَنْقَطِعُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ " (مِنْ عَمَلِهِ) : بَيَانٌ لَهُ (وَحَسَنَاتِهِ) : عَطْفُ تَفْسِيرٍ (بَعْدَ مَوْتِهِ) : ظَرْفٌ يَلْحَقُ (عِلْمًا عَلِمَهُ) : بِالتَّخْفِيفِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالتَّشْدِيدِ (وَنَشَرَهُ) : هُوَ أَعَمُّ مِنَ التَّعْلِيمِ، فَإِنَّهُ يَشْمَلُ التَّأْلِيفَ وَوَقْفَ الْكُتُبِ (وَوَلَدًا صَالِحًا) : أَيْ: مُؤْمِنًا (تَرَكَهُ) : أَيْ: خَلَّفَهُ أَيْ " بَعْدَ مَوْتِهِ احْتِرَازًا عَنِ الْفَرَطِ (أَوْ مُصْحَفًا) : بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ، وَالضَّمُّ أَشْهَرُ (وَرَّثَهُ) : أَيْ: تَرَكَهُ لِلْوَرَثَةِ وَلَوْ مِلْكًا وَفِي مَعْنَاهُ: كُتُبُ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ فَيَكُونُ لَهُ ثَوَابُ التَّسَبُّبِ (أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ) : وَفِي مَعْنَاهُ مَدْرَسَةُ الْعُلَمَاءِ وَرِبَاطُ الصُّلَحَاءِ (أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ) : أَيِ الْمُسَافِرِ وَالْغَرِيبِ (بَنَاهُ) : حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا (أَوْ نَهَرًا) : بِفَتْحِ الْهَاءِ وَيُسَكَّنُ (أَجْرَاهُ) : أَيْ: جَعَلَهُ جَارِيًا لِيَنْتَفِعَ بِهِ الْخَلْقُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: الْجُمَلُ الْمُصَدَّرَةُ بِأَوْ مِنْ قِسْمِ الصَّدَقَةِ الْجَارِيَةِ، وَأَوْ فِيهَا لِلتَّنْوِيعِ وَالتَّفْصِيلِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ (أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ) : فَدَاخِلٌ فِي الصَّدَقَةِ الْجَارِيَةِ وَلِإِرَادَةِ هَذَا الْمَعْنَى أَتْبَعَهُ بِقَوْلِهِ: (تَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ) . وَفِي عَطْفِ حَيَاتِهِ عَلَى صِحَّتِهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَعْنَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي جَوَابِ مَنْ قَالَ: «أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْغِنَى» . الْحَدِيثَ اهـ. وَفِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْإِشَارَةَ مَفْهُومَةٌ مِنْ نَفْسِ قَوْلِهِ وَصِحَّتِهِ لَا مِنَ الْعَطْفِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّهَا مَفْهُومَةٌ مِنْ تَقَدُّمِ الصِّحَّةِ عَلَى الْحَيَاةِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: " وَحَيَاتِهِ " أَيْ: وَلَوْ فِي مَرَضِهِ. فَالْوَاوُ بِمَعْنَى (أَوْ) وَقَوْلُهُ أَخْرَجَهَا أَيْ بِالْوَصِيَّةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ) ". وَفِي رِوَايَةٍ: " «سَبْعٌ يَجْرِي لِلْعَبْدِ أَجْرُهُنَّ بَعْدَ مَوْتِهِ وَهُوَ فِي قَبْرِهِ: مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا، أَوْ أَجْرَى نَهَرًا، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا، أَوْ غَرَسَ نَخْلًا، أَوْ بَنَى مَسْجِدًا، أَوْ تَرَكَ وَلَدًا يَسْتَغْفِرُ لَهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ، أَوْ، وَرَّثَ مُصْحَفًا» "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute