٣٧١٤ - عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَلِي أَمْرَ عَشَرَةٍ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَّا أَتَاهُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مَغْلُولًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَدُهُ إِلَى عُنُقِهِ فَكَّهُ بِرُّهُ، أَوْ أَوْبَقَهُ إِثْمُهُ أَوَّلُهَا مَلَامَةٌ وَأَوْسَطُهَا نَدَامَةٌ وَآخِرُهَا خِزْيٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .
ــ
٣٧١٤ - (وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ رَجُلٍ يَلِي أَمْرَ عَشَرَةٍ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَّا أَتَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ) ; أَيْ جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ، أَوْ مَلَائِكَتُهُ حَالَ كَوْنِهِ (مَغْلُولًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ) وَفِي نُسْخَةٍ: إِلَّا أَتَى اللَّهَ وَهُوَ ظَاهِرٌ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (يَدُهُ إِلَى عُنُقِهِ) ; أَيْ مُنْضَمَّةٌ إِلَيْهَا، قَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُهُ (يَدُهُ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا بِ (مَغْلُولًا) ، (وَإِلَى عُنُقِهِ) حَالٌ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُتَعَلِّقًا بِ (مَغْلُولًا) ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً وَ (إِلَى عُنُقِهِ) خَبَرُهُ، وَالْجُمْلَةُ إِمَّا مُسْتَأْنَفَةٌ، أَوْ حَالٌ بَعْدَ حَالٍ، وَحِينَئِذٍ (يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ; إِمَّا ظَرْفٌ لَ (أَتَاهُ) وَهُوَ الْأَوْجَهُ، أَوْ لِ (مَغْلُولًا) ، وَإِذَا كَانَتْ مُسْتَأْنَفَةً كَانَتْ بَيَانًا لِ (مَغْلُولًا) ، وَالْجُمْلَتَانِ مُسْتَأْنَفَتَانِ مَبْنِيَّتَانِ لِلْمَجْمُوعِ، كَأَنَّ سَائِلًا سَأَلَ أَوَّلًا عَنْ كَيْفِيَّةِ هَيْئَةِ الْمَغْلُولِ؟ فَأُجِيبَ: يَدُهُ إِلَى عُنُقِهِ، ثُمَّ سَأَلَ ثَانِيًا: فِيمَا يَجْرِي عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُجِيبَ: (فَكَّهُ بِرُّهُ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ ; أَيْ خَلَّصَهُ عَدْلُهُ وَإِحْسَانُهُ (أَوْ أَوْبَقَهُ إِثْمُهُ) ; أَيْ أَهْلَكَهُ ظُلْمُهُ وَعِصْيَانُهُ (أَوَّلُهَا) ; أَيِ ابْتِدَاءُ الْإِمَارَةِ (مَلَامَةٌ) ; أَيْ عِنْدِ أَهْلِ السَّلَامَةِ (وَأَوْسَطُهَا نَدَامَةٌ) ; أَيْ لِلنَّفْسِ الْلَوَّامَةِ (وَآخِرُهَا) ; أَيْ نَتِيجَتُهَا (خِزْيٌ) ; أَيْ فَضِيحَةٌ تَامَّةٌ (يَوْمَ الْقِيَامَةِ) فَإِنَّ الدُّنْيَا مَزْرَعَةُ الْآخِرَةِ، وَبِهَذَا يَرْتَفِعُ سُؤَالُ وَجَوَابٍ ; أَوْرَدَهُمَا الطِّيبِيُّ حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ قُلْتَ آخِرُ الشَّيْءِ مُنْقَضَاهُ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَتَخَلَّلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُوَ أَخِرُهُ غَيْرُهُمَا، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِمَارَةَ تَنْقَضِي فِي الدُّنْيَا، فَكَيْفَ يَكُونُ الْخِزْيُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ آخِرَهُ؟ قُلْتُ: تُعْتَبَرُ صِفَةُ الْإِمَارَةِ مُسْتَمِرَّةً إِلَى يَوْمِ الدِّينِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ، ثُمَّ قَالَ: قَوْلُهُ: أَوَّلُهُمَا مَلَامَةٌ ; إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مَنْ يَتَصَدَّى لِلْوِلَايَةِ الْغَالِبَ غَيْرُ مُجَرِّبٍ لِلْأُمُورِ، يَنْظُرُ إِلَى مَلَاذِهَا ظَاهِرًا فَيَحْرِصُ فِي طَلَبِهَا، وَيَلُومُهُ أَصْدِقَاؤُهُ، ثُمَّ إِذَا بَاشَرَهَا يَلْحَقُهُ تِبَاعَتُهَا وَمَا تَئُولُ إِلَيْهِ مِنْ وَخَامَةِ عَاقِبَتِهَا ; نَدَمٌ وَفِي الْآخِرَةِ خِزْيٌ وَنَكَالٌ. وَهَذَا عَلَى رَأَيِ مَا قَالَ: إِنَّ الْجُمَلَ الْمُتَنَاسِقَةَ ; إِذَا أُتِيَ بِقَيْدٍ بَعْدَهَا بِالْأَخِيرِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إِنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا تَكُونُ الْمَلَامَةُ وَالنَّدَامَةُ وَالْخِزْيُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ: أَتَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَغْلُولًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَدُهُ إِلَى عُنُقِهِ، فَإِنَّ إِتْيَانَهُ مَغْلُولًا يَدُهُ إِلَى عُنُقِهِ هُوَ الذُّلُّ وَالْهَوَانُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute