مَعْنَى قَوْلِهِ: (وَلَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ عُرَفَاءَ) ، وَقَوْلِهِ: (وَلَكِنَّ الْعَرْفَاءَ فِي النَّارِ) ; أَيْ فِيمَا يُقَرِّبُهُمْ إِلَيْهَا، وَرَدَ هَذَا الْقَوْلُ مَوْرِدَ التَّحْذِيرِ عَنِ التَّبِعَاتِ الَّتِي يَتَضَمَّنُهَا، وَالْآفَاتِ الَّتِي لَا يُؤْمَنُ فِيهَا، وَالْفِتَنِ الَّتِي يُتَوَقَّعُ مِنْهَا، وَالْأَمْرِ بِالتَّيَقُّظِ دُونَهَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْهَنَاتِ الَّتِي قَلَّمَا يَسْلَمُ مِنْهَا الْوَاقِعُ فِيهَا اهـ. وَالْمُرَادُ مِنَ الْعُرَفَاءِ فِي النَّارِ ; هُمُ الَّذِينَ لَمْ يَعْدِلُوا فِي الْحُكْمِ، وَأَتَى بِصِيغَةِ الْعُمُومِ ; إِجْرَاءً لِلْغَالِبِ مَجْرَى الْكُلِّ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ يُلَابِسُونَ مَا يَجُرُّهُمْ إِلَى النَّارِ، أَوِ التَّقْدِيرُ يَكُونُ أَكْثَرُهُمْ فِي النَّارِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُهُ وَلَكِنَّ الْعُرَفَاءَ فِي النَّارِ: مُظْهَرٌ أُقِيمَ مَقَامَ الْمُضْمَرِ، لِيُشْعِرَ بِأَنَّ الْعِرَافَةَ عَلَى خَطَرٍ، وَمَنْ بَاشَرَهَا عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} [النساء: ١٠] فَيَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ عَلَى تَيَقُّظٍ وَحَزْمٍ وَحَذَرٍ مِنْهَا ; لِئَلَّا تُوَرِّطَهُ فِي الْفِتْنَةِ، وَتُؤَدِّيَ بِهِ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَهَذَا تَلْخِيصُ كَلَامِ الشَّيْخِ (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute