٢٤٨ - وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعُذْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ» ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ "
ــ
٢٤٨ - (وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعُذْرِيِّ) : بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، مَنْسُوبٌ إِلَى عُذْرَةَ بْنِ سَعْدِ أَبِي قَبِيلَةٍ مِنْ خُزَاعَةَ، كَذَا فِي جَامِعِ الْأُصُولِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُؤَلِّفُ لَا فِي الصَّحَابَةِ وَلَا فِي التَّابِعِينَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَحْمِلُ) أَيْ: يَحْفَظُ (هَذَا الْعِلْمَ) أَيْ: عِلْمَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَزَادَ ابْنُ حَجَرٍ: الْفِقْهَ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْهُمَا، وَلِأَنَّهُ مُصْطَلَحٌ حَادِثٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ وُجُودٌ عِنْدَ قَوْلِهِ هَذَا، وَالْإِشَارَةُ لِلتَّعْظِيمِ، يَعْنِي يَأْخُذُهُ وَيَقُومُ بِإِحْيَائِهِ (مِنْ كُلِّ خَلَفٍ) أَيْ: مِنْ كُلِّ قَرْنٍ يَخْلِفُ السَّلَفَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَهُوَ الْجَمَاعَةُ الْمَاضِيَةُ، وَالْخَلَفُ بِفَتْحِ اللَّامِ الرَّجُلُ الصَّالِحُ الَّذِي يَأْتِي بَعْدَ أَحَدٍ وَيَقُومُ مَقَامَهُ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالتَّثْنِيَةُ وَالْجَمْعُ " (عُدُولُهُ) أَيْ: ثِقَاتُهُ يَعْنِي مَنْ كَانَ عَدْلًا صَاحِبَ التَّقْوَى وَالدِّيَانَةِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَ " مِنْ " إِمَّا تَبْعِيضِيَّةٌ مَرْفُوعًا عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ " يَحْمِلُ " وَ " عُدُولُهُ " بَدَلٌ مِنْهُ، وَإِمَّا بَيَانِيَّةٌ عَلَى طَرِيقَةِ لَقِيَنِي مِنْكَ (أَسَدٌ) جُرِّدَ مِنَ الْخَلَفِ الصَّالِحِ، وَالْعُدُولُ الثِّقَاتُ وَهُمْ هُمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} [آل عمران: ١٠٤] وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فِيهِ تَفْخِيمٌ لِشَأْنِهِمْ (يَنْفُونَ عَنْهُ) : جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ، أَيْ: نَافِينَ عَنْهُ يَعْنِي طَارِدِينَ عَنْ هَذَا الْعِلْمِ (تَحْرِيفَ الْغَالِينَ) : أَيِ: الْمُبْتَدَعَةِ الَّذِينَ يَتَجَاوَزُونَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ عَنِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ، فَيَنْحَرِفُونَ عَنْ جِهَتِهِ، مِنْ غَلَا يَغْلُو إِذَا جَاوَزَ الْحَدَّ كَأَقْوَالِ الْقَدَرِيَّةِ وَالْجَبْرِيَّةِ وَالْمُشَبِّهَةِ (وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ) الِانْتِحَالُ: ادِّعَاءُ قَوْلٍ أَوْ شِعْرٍ، وَيَكُونُ قَائِلُهُ غَيْرَهُ بِانْتِسَابِهِ إِلَى نَفْسِهِ، قِيلَ: هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْكَذِبِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ فِي النِّهَايَةِ: الِانْتِحَالُ مِنَ النِّحْلَةِ وَهِيَ التَّشَبُّهُ بِالْبَاطِلِ، وَقَالَ الرَّاغِبُ: الِانْتِحَالُ ادِّعَاءُ الشَّيْءِ بِالْبَاطِلِ، وَقِيلَ: لَعَلَّ الْأَوَّلَ أَنْسَبُ لِمَعْنَى الْحَدِيثِ اهـ.
وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُبْطِلَ إِذَا اتَّخَذَ قَوْلًا مِنْ عِلْمِنَا لِيَسْتَدِلَّ بِهِ عَلَى بَاطِلِهِ أَوِ اعْتَزَى إِلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ نَفَوْا عَنْ هَذَا الْعِلْمِ قَوْلَهُ، وَنَزَّهُوهُ عَمَّا يَنْتَحِلُهُ (وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ) أَيْ: مَعْنَى الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ إِلَى مَا لَيْسَ بِصَوَابٍ، أَوِ الْجُمْلَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute