الْفَصْلُ الثَّالِثُ
٣٢٦٦ - عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: «أَتَيْتُ الْحِيرَةَ فَرَأَيْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لِمَرْزُبَانٍ لَهُمْ فَقُلْتُ: لَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَقُّ أَنْ يُسْجَدَ لَهُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ: إِنِّي أَتَيْتُ الْحِيرَةَ فَرَأَيْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لِمَرْزُبَانٍ لَهُمْ فَأَنْتَ أَحَقُّ بِأَنْ يُسْجَدَ لَكَ، فَقَالَ لِي: أَرَأَيْتَ لَوْ مَرَرْتَ بِقَبْرِى أَكُنْتَ تَسْجُدُ لَهُ؟ " فَقُلْتُ لَا فَقَالَ: " لَا تَفْعَلُوا لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ لِمَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ حَقٍّ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ــ
(الْفَصْلُ الثَّالِثُ)
٣٢٦٦ - (عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: أَتَيْتُ الْحِيرَةَ) : بِكَسْرِ الْمُهْمِلَةِ بَلْدَةٌ قَدِيمَةٌ بِظَهْرِ الْكُوفَةِ (فَرَأَيْتُهُمْ) : أَيْ: أَهْلَهَا (يَسْجُدُونَ لِمَرْزُبَانٍ لَهُمْ) : وَهُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الزَّايِ: الْفَارِسُ الشُّجَاعُ الْمُقَدَّمُ عَلَى قَوْمِهِ، دُونَ الْمَلِكِ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَقِيلَ: أَهْلُ اللُّغَةِ يَضُمُّونَ مِيمَهُ ثُمَّ إِنَّهُ مُنْصَرِفٌ وَقَدْ لَا يَنْصَرِفُ (فَقُلْتُ: رَسُولُ اللَّهِ) : وَفِي نُسْخَةٍ " لَرَسُولُ اللَّهِ " بِلَامِ الِابْتِدَاءِ (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَقُّ أَنْ يُسْجُدَ لَهُ) : أَيْ: لِأَنَّهُ أَعْظَمُ الْمَخْلُوقَاتِ وَأَكْرَمُ الْمَوْجُودَاتِ (فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ: إِنِّي أَتَيْتُ الْحِيرَةَ فَرَأَيْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لِمَرْزُبَانٍ لَهُمْ) : أَيْ: تَعْظِيمًا لَهُ وَتَكْرِيمًا (فَأَنْتَ أَحَقُّ) : أَيْ: أَوْلَى وَأَلْيَقُ (مِنْهُ بِأَنْ) : وَفِي نُسْخَةٍ أَنْ (يُسْجَدَ لَكَ فَقَالَ لِي) : إِظْهَارًا لِعَظَمَةِ الرُّبُوبِيَّةِ وَإِشْعَارًا لِمَذَلَّةِ الْعُبُودِيَّةِ (أَرَأَيْتَ) : أَيْ: أَخْبَرَنِي (لَوْ مَرَرْتَ بِقَبْرِي أَكُنْتَ تَسْجُدُ) : أَيْ: لِلْقَبْرِ أَوْ لِمَنْ فِي الْقَبْرِ (فَقُلْتُ: لَا، فَقَالَ: لَا تَفْعَلُوا) : خِطَابٌ عَامٌّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ أَيْ فِي الْبَلْدَةِ، كَذَلِكَ لَا تَسْجُدُوا قَالَ تَعَالَى {لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: ٣٧] قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَيِ اسْجُدُوا لِلْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَلِمَنْ مُلْكُهُ لَا يَزُولُ فَإِنَّكَ إِنَّمَا تَسْجُدُ لِي الْآنَ مَهَابَةً وَإِجْلَالًا، فَإِذَا كُنْتُ رَهِينَ رَمْسٍ امْتَنَعْتَ عَنْهُ (لَوْ كُنْتُ آمُرُ) : بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ وَفِي رِوَايَةٍ " آمِرًا " بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ أَيْ لَوْ صَحَّ فِي أَنْ آمُرَ، أَوْ لَوْ فُرِضَ أَنِّي كُنْتُ آمِرًا (أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ) : أَيْ: بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ لِعُمُومِ حَقِّهِمْ عَلَى الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ بِالْإِنْبَاءِ (لَأَمَرْتُ النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ لِمَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ حَقٍّ) : وَفِي رِوَايَةٍ مِنَ الْحَقِّ فَالتَّنْوِينُ لِلتَّكْثِيرِ وَالتَّعْرِيفُ لِلْجِنْسِ، وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: ٣٤] (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) : أَيْ: عَنْ قَيْسٍ وَكَذَا الْحَاكِمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute