٣١٨٠ - وَرُوِيَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: «أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ النِّسَاءِ رَدَّهُنَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامَيْنِ بَعْدَ اخْتِلَافِ الدِّينِ وَالدَّارِ. مِنْهُنَّ بِنْتُ الْوَلِيدِ بْنِ مُغِيرَةَ كَانَتْ تَحْتَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فَأَسْلَمَتْ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَهَرَبَ زَوْجُهَا مِنَ الْإِسْلَامِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ ابْنَ عَمِّهِ وَهْبَ بْنَ عُمَيْرٍ بِرِدَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَانًا لِصَفْوَانَ فَلَمَّا قَدِمَ جَعَلَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَسْيِيرَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ حَتَّى أَسْلَمَ فَاسْتَقَرَّتْ عِنْدَهُ، وَأَسْلَمَتْ أَمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ امْرَأَةُ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ يَوْمَ الْفَتْحِ بِمَكَّةَ، وَهَرَبَ زَوْجُهَا مِنَ الْإِسْلَامِ حَتَّى قَدِمَ الْيَمَنَ فَارْتَحَلَتْ أَمُّ حَكِيمٍ حَتَّى قَدِمَتْ عَلَيْهِ الْيَمَنَ فَدَعَتْهُ إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ، فَثَبَتَا عَلَى نِكَاحِهِمَا» . رَوَاهُ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مُرْسَلًا.
ــ
٣١٨٠ - (فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: «إِنَّ جَمَاعَةً مِنَ النِّسَاءِ رَدَّهُنَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامَيْنِ» ) أَيْ: إِسْلَامَيِ الزَّوْجَيْنِ (بَعْدَ اخْتِلَافِ الدِّينِ وَالدَّارِ) قَالَ الْمُظْهِرُ: يَعْنِي إِذَا أَسْلَمَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ثَبَتَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ كَانَا عَلَى دِينٍ وَاحِدٍ كَالْكِتَابَيْنِ وَالْوَثَنَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا كَانَ عَلَى دِينٍ وَالْآخَرُ عَلَى دِينٍ وَسَوَاءٌ كَانَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ أَحَدُهُمَا فِي أَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ فِي الْآخَرِ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ: انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ أَوْ عَرْضُ الْإِسْلَامِ عَلَى الْآخَرِ مَعَ الِامْتِنَاعِ عَنْهُ أَوْ بِنَقْلِ أَحَدِهِمَا مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ أَوْ بِالْعَكْسِ، وَسَوَاءٌ عِنْدَهُ الْإِسْلَامُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ. وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ: الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ اخْتِلَافَ الدَّارِ لَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ مَا رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنَتَهُ زَيْنَبَ عَلَى أَبِي الْعَاصِ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَحْدُثْ نِكَاحًا وَكَانَ قَدِ افْتَرَقَ بَيْنَهُمَا الدَّارُ» ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: اخْتُلِفَ فِي أَنَّ تَبَايُنَ الدَّارَيْنِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَهَلْ يُوجِبُ الْفُرْقَةَ بَيْنَهُمَا قُلْنَا: نَعَمْ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا، وَفِي أَنَّ السَّبْيَ هَلْ يُوجِبُ الْفُرْقَةَ أَمْ لَا، فَقُلْنَا: لَا، وَقَالَ: نَعَمْ، وَقَوْلُهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ فَيَتَفَرَّعُ أَرْبَعُ صُوَرٍ: وَفَاقِيَّتَانِ ; وَهُمَا لَوْ خَرَجَ الزَّوْجَانِ إِلَيْنَا مَعًا ذِمِّيَّيْنِ أَوْ مُسْلِمَيْنِ أَوْ مُسْتَأْمِنَيْنِ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ صَارَا ذِمِّيَّيْنِ لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ اتِّفَاقًا وَلَوْ سُبِيَ أَحَدُهُمَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ اتِّفَاقًا عِنْدَهُ لِلسَّبْيِّ وَعِنْدَنَا لِلتَّبَايُنِ، وَخِلَافِيَّتَانِ أَحَدُهُمَا مَا إِذَا خَرَجَ أَحَدَاهُمَا إِلَيْنَا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمِنًا ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ صَارَ ذِمِّيًّا عِنْدَنَا تَقَعُ فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ حَلَّ لَهُ التَّزَوُّجُ بِأَرْبَعٍ فِي الْحَالِ وَبِأُخْتِ امْرَأَتِهِ الَّتِي فِي دَارِ الْحَرْبِ إِذَا كَانَتْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَعِنْدَهُ لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ الَّتِي فِي دَارِ الْحَرْبِ إِلَّا فِي الْمَرْأَةِ تَخْرُجُ مُرَاغَمَةً لِزَوْجِهَا أَيْ بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى حَقِّهِ فَتَبِينُ عِنْدَهُ بِالْمُرَاغَمَةِ، وَالْأُخْرَى مَا إِذَا سُبِيَ الزَّوْجَانِ مَعًا فَعِنْدَهُ تَقَعُ الْفُرْقَةُ فَلِلسَّابِّيِّ أَنْ يَطَأَهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَعِنْدَنَا لَا تَقَعُ لِعَدَمِ تَبَايُنِ دَارَيْهِمَا اه، وَالْأَدِلَّةُ وَالْأَجْوِبَةُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ مَبْسُوطَةٌ فِي شَرْحِهِ لِلْهِدَايَةِ فَعَلَيْكَ بِهَا إِنْ تُرِدِ النِّهَايَةَ (فَهُنَّ) أَيْ: مِنَ الْأَزْوَاجِ الَّتِي رَهَنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ (بِنْتُ الْوَلِيدِ بْنِ مُغِيرَةَ) وَفِي نُسْخَةِ الْمُغِيرَةِ (كُنْتُ تَحْتَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ) بِالتَّصْغِيرِ (فَأَسْلَمَتْ يَوْمَ الْفَتْحِ وَهَرَبَ زَوْجُهَا مِنَ الْإِسْلَامِ) أَيْ: مُمْتَنِعًا عَنْهُ (فَبَعَثَ) أَيْ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (إِلَيْهِ ابْنَ عَمِّهِ وَهْبَ بْنَ عُمَيْرٍ) بِالتَّصْغِيرِ (بِرِدَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) الظَّاهِرُ بِرِدَائِهِ فَوُضِعَ الظَّاهِرُ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ وَفِي نُسْخَةٍ فَبُعِثَ عَلَى بِنَاءِ الْمَجْهُولِ وَرَفْعِ مَا بَعْدَهُ فَلَا إِشْكَالَ، قَالَ الطِّيبِيُّ: الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ بِرِدَائِهِ وَلَيْسَ الْمَقَامُ مَقَامَ وَضْعِ الْمُظْهَرِ مَقَامَ الْمُضْمَرِ لِأَنَّ الْبَاعِثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمَبْعُوثَ وَهْبُ بْنُ عُمَيْرٍ، ذُكِرَ فِي الِاسْتِيعَابِ: كَانَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ اسْتَأْمَنَ لِصَفْوَانَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ هَرَبَ هُوَ وَابْنُهُ وَهْبُ بْنُ عُمَيْرٍ فَأَمَّنَهُ وَبَعَثَ إِلَيْهِ وَهْبَ بْنَ عُمَيْرٍ بِرِدَائِهِ أَمَانًا لِصَفْوَانَ أَيْ مِنْ قَتْلِهِ وَتَعَرُّضِهِ (فَلَمَّا قَدِمَ) أَيْ: صَفْوَانُ (جَعَلَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَسْيِيرَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إِضَافَةُ الْمُصَدِّرِ إِلَى الظُّرُوفِ عَلَى الِاتِّسَاعِ كَقَوْلِهِ يَا سَارِقَ اللَّيْلَةِ اه، وَهُوَ تَفْعِيلٌ مِنَ السَّيْرِ بِمَعْنَى الْإِخْرَاجِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ، قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: سَيَّرَهُ مِنْ بَلَدِهِ أَيْ أَخْرَجَهُ وَأَجْلَاهُ وَالْمَعْنَى فِي الْحَدِيثِ تَمْكِينُهُ مِنَ السَّيْرِ فِي الْأَرْضِ آمِنًا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ لِيَنْظُرَ فِي سِيرَتِهِمْ إِشَارَةً إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: ٢] حَتَّى يَأْخُذُوا حَذَرَهُمْ وَيَسِيحُوا فِي أَرْضِ اللَّهِ حَيْثُ شَاءُوا فَيَنْظُرُوا فِي حَالِ الْمُسْلِمِينَ فَلَبِثَ فِيهِمْ زَمَانًا فَرَزَقَهُ اللَّهُ الْإِسْلَامَ (حَتَّى أَسْلَمَ) قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: بَعْدَ إِسْلَامِ زَوْجَتِهِ بِشَهْرَيْنِ (فَاسْتَقَرَّتْ عِنْدَهُ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ أَوْ بِنِكَاحٍ مُجَدَّدٍ فَلَا يَصْلُحُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute