٣١٧٢ - وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: «مَرَّ بِي خَالِيَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ وَمَعَهُ لِوَاءٌ فَقُلْتُ أَيْنَ تَذْهَبُ؟ قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ آتِيهِ بِرَأْسِهِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ، وَلِلنَّسَائِيِّ، وَابْنِ مَاجَهْ، وَالدَّارِمِيِّ " «فَأَمَرَنِي أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ وَآخُذَ مَالَهُ» " وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ قَالَ " عَمِّي " بَدَلَ " خَالِي "
ــ
٣١٧٢ - (وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: مَرَّ بِي خَالِيَ) قِيلَ: وَفِي نُسَخِ الْمَصَابِيحِ: مَرَّ بِي عَمِيَ وَهُوَ تَحْرِيفٌ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ (أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ) بِكَسْرِ النُّونِ بَعْدَهَا تَحْتِيَّةٌ خَفِيفَةٌ حَلِيفُ الْأَنْصَارِ (وَمَعَهُ لِوَاءٌ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ: عَلَمٌ، قَالَ الْمُظْهِرُ: وَكَانَ ذَلِكَ اللِّوَاءُ عَلَامَةَ كَوْنِهِ مَبْعُوثًا مِنْ جِهَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ (فَقُلْتُ: أَيْنَ تَذْهَبُ) أَيْ: تُرِيدُ كَمَا فِي رِوَايَةٍ (قَالَ: بَعَثَنِي) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِهَا أَيْ أَرْسَلَنِي (النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ وَفِي رِوَايَةٍ نَكَحَ (امْرَأَةَ أَبِيهِ آتِيهِ) أَيِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بِرَأْسِهِ) أَيْ: بِرَأْسِ ذَلِكَ الرَّجُلِ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ ذَكَرَهُ ابْنُ الْهُمَامِ وَقَالَ: وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «مَنْ وَقَعَ عَلَى ذَاتِ مَحْرَمٍ مِنْهُ فَاقْتُلُوهُ» (وَأَبُو دَاوُدَ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ) أَيْ: لِأَبِي دَاوُدَ (وَلِلنَّسَائِيِّ) أَيْ: بِإِعَادَةِ اللَّامِ مُرَاعَاةً لِلْأَفْصَحِ (وَابْنِ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيِّ «فَأَمَرَنِي أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ وَآخُذَ مَالَهُ» ) ذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الْمُتَزَوِّجَ كَانَ مُسْتَحَلًّا لَهُ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فَصَارَ بِذَلِكَ مُرْتَدًّا مُحَارِبًا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ; فَلِذَلِكَ أَمْرٌ بِقَتْلِهِ وَأَخْذِ مَالِهِ وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ يَعْتَقِدُ حَلَّ هَذَا النِّكَاحِ، فَمَنِ اعْتَقَدَ حَلَّ شَيْءٍ مُحَرَّمٍ كَفَرَ وَجَازَ قَتْلُهُ وَأَخْذُ مَالِهِ، وَمَنْ جَهِلَ تَحْرِيمَ نِكَاحِ وَاحِدَةٍ مِنْ مَحَارِمِهِ فَتَزَوَّجَهَا لَمْ يَكْفُرْ، وَمَنْ عَلِمَ تَحْرِيمَهَا وَاعْتَقَدَ الْحُرْمَةَ فَسَقَ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَعُزِّرَ، هَذَا إِذَا لَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا دُخُولٌ وَإِلَّا فَإِنْ عَلِمَ تَحْرِيمَهَا فَهُوَ زَانٍ يَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الزِّنَا، وَإِنْ جَهِلَ فَهُوَ وَاطِئٌ بِالشُّبْهَةِ يَجِبُ عَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ، قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ: وَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا بِأَنْ كَانَتْ مِنْ ذَوِي مَحَارِمِهِ بِنَسَبٍ كَأُمِّهِ أَوِ ابْنَتِهِ فَوَطِئَهَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَدُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَزُفَرَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَإِنْ قَالَ: عَلِمْتُ أَنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ. وَلَكِنْ يَجِبُ الْمَهْرُ وَيُعَاقَبُ عُقُوبَةً هِيَ أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنَ التَّعْزِيرِ سِيَاسَةً لَا حَدًّا مُقَدَّرًا شَرْعًا إِذَا كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا لَا حَدَّ وَلَا عُقُوبَةَ تَعْزِيرًا مُقَدَّرًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَأَحْمَدُ: يَجِبُ حَدُّهُ إِذَا كَانَ عَالِمًا، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَفِي مَسْأَلَةِ الْمَحَارِمِ رِوَايَةٌ عَنْ جَابِرٍ " أَنَّهُ يَضْرِبُ عُنُقَهُ " وَنُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ وَقَصَرَ ابْنُ حَزْمٍ قَتْلَهُ عَلَى مَا إِذَا كَانَتِ امْرَأَةَ أَبِيهِ قَصَرَ الْحَدِيثَ الْبَرَاءُ عَلَى مَوْرِدِهِ، وَلِأَحْمَدَ " يُضْرَبُ عُنُقُهُ " وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى " وَيُؤْخَذُ مَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ "، وَأُجِيبُ بِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ عَقَدَ مُسْتَحِلًّا فَارْتَدَّ بِذَلِكَ وَهَذَا لِأَنَّ الْحَدَّ لَيْسَ ضَرْبَ الْعُنُقِ وَأَخْذَ الْمَالِ بَلْ ذَلِكَ لَازِمٌ لِلْكُفْرِ، وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ جَدَّهُ مُعَاوِيَةَ إِلَى رَجُلٍ عَرَّسَ بِامْرَأَةِ أَبِيهِ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقَهُ وَيُخَمِّسَ مَالَهُ» ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ فَارْتَدَّ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَالُوا جَازَ فِيهِ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ إِمَّا أَنَّهُ لِلِاسْتِحْلَالِ أَوْ أَمَرَ بِذَلِكَ سِيَاسَةً وَتَعْزِيرًا (وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ) أَيْ: الْأَخِيرَةِ (قَالَ: عَمِّي بَدَلَ خَالِيَ) وَلَعَلَّ أَحَدَهُمَا مِنَ النَّسَبِ وَالْآخَرَ مِنَ الرَّضَاعَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute