٣١٦٩ - «وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَةً لِأَبِي إِهَابِ بْنِ عَزِيزٍ فَأَتَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: قَدْ أَرْضَعْتُ عُقْبَةَ: وَالَّتِي تَزَوَّجَ بِهَا، فَقَالَ لَهَا عُقْبَةُ مَا أَعْلَمُ أَنَّكِ قَدْ أَرْضَعْتِنِي وَلَا أَخْبَرْتِنِي، فَأَرْسَلَ إِلَى آلِ أَبِي إِهَابٍ فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا: مَا عَلِمْنَا أَرْضَعْتَ صَاحِبَتُنَا، فَرَكِبَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ، فَفَارَقَهَا عُقْبَةُ وَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ» .
ــ
٣١٦٩ - (وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَةً لِأَبِي إِهَابِ بْنِ عَزِيزٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ (فَأَتَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: قَدْ أَرْضَعْتُ عُقْبَةَ وَالَّتِي تَزَوَّجَ بِهَا فَقَالَ لَهَا) أَيْ: لِلْمُرْضِعَةِ (عُقْبَةُ مَا أَعْلَمُ أَنَّكِ أَرْضَعْتِنِي وَلَا أَخْبَرْتِنِي) أَيْ: قَبْلَ ذَلِكَ (فَأَرْسَلَ إِلَى آلِ أَبِي إِهَابٍ) أَيْ: أَهْلِ بَيْتِهِ وَأَقَارِبِهِ (فَسَأَلَهُمْ) أَيْ: عَنْ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ (فَقَالُوا: مَا عَلِمْنَا أَرْضَعَتْ) أَيْ: هِيَ (صَاحِبَتُنَا فَرَكِبَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ فَسَأَلَهُ) أَيْ: عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ) قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: كَيْفَ سُؤَالٌ عَنِ الْحَالِ، وَقَدْ قِيلَ حَالٌ وَهُمَا يَسْتَدْعِيَانِ عَامِلًا يَعْمَلُ فِيهِمَا أَيْ كَيْفَ تُبَاشِرُهَا وَتُفْضِي إِلَيْهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ قِيلَ: إِنَّكَ أَخُوهَا إِنَّ ذَلِكَ بَعِيدٌ عَنْ ذِي الْمُرُوءَةِ وَالْوَرَعِ وَفِيهِ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمَرْءِ أَنْ يَجْتَنِبَ مَوَاقِفَ التُّهَمِ وَالرِّيبَةِ وَإِنْ كَانَ نَقِيَّ الذَّيْلِ بَرِيءَ السَّاحَةِ وَأَنْشَدَ:
قَدْ قِيلَ ذَلِكَ إِنْ صَدَقَا وَإِنْ كَذِبَا ... فَمَا اعْتِذَارُكَ مِنْ شَيْءٍ إِذَا قِيلَا
قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا مَحْمُولٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ عَلَى الْأَخْذِ بِالِاحْتِيَاطِ إِذْ لَيْسَ هُنَا إِلَّا إِخْبَارُ امْرَأَةٍ عَنْ فِعْلِهَا فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَالزَّوْجُ مُكَذِّبٌ لَهَا فَلَا يُقْبَلُ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْإِنْسَانِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ شَرْعًا، وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى فَسَادِ النِّكَاحِ بِمُجَرَّدِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ، فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَابْنُ شُبْرُمَةَ: يَثْبُتُ الرِّضَاعُ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ وَقِيلَ بِشَهَادَةِ أَرْبَعٍ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بِشَهَادَةِ الْمُرْضِعَةِ وَحَلِفِهَا. وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ قَالَ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَاحِدَةِ الْمُرْضِعَةِ. وَفِي فَتَاوَى قَاضِيخَانَ: رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَأَخْبَرَهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ أَوِ امْرَأَةٌ أَنَّهُمَا ارْتَضَعَا مِنَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، قَالَ فِي الْكِتَابِ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَتَنَزَّهَ فَيُطَلِّقُهَا وَيُعْطِيهَا نِصْفَ الْمَهْرِ إِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ عِنْدَنَا مَا لَمْ يَشْهَدْ بِهِ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، وَعَلَى قَوْلٍ لِلشَّافِعِيِّ تَثْبُتُ حُرْمَةُ الرِّضَاعِ بِشَهَادَةِ أَرْبَعٍ مِنَ النِّسَاءِ (فَفَارَقَهَا عُقْبَةُ وَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ أَمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إِهَابٍ فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ: قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا، قَالَ: «فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَأَعْرَضَ عَنِّي فَتَنَحَّيْتُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ قَالَ: " وَكَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ أَنْ قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute