للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

٢٩٢٢ - وَعَنْ أَبِي مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «إِنَّ أَعْظَمَ الذُّنُوبِ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ يَلْقَاهُ بِهَا عَبْدٌ بَعْدَ الْكَبَائِرِ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنْهَا، أَنْ يَمُوتَ رَجُلٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَدَعُ لَهُ قَضَاءً» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ.

ــ

٢٩٢٢ - (وَعَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ أَعْظَمَ الذُّنُوبِ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ يَلْقَاهُ) : خَبَرُ إِنَّ أَيْ: يَلْقَى اللَّهَ (" بِهَا ") : أَيْ: بِأَعْظَمِ الذُّنُوبِ (" عَبْدٌ ") فَاعِلُ يَلْقَى (" بَعْدَ الْكَبَائِرِ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنْهَا ") بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ أَعْظَمِ الذُّنُوبِ (" أَنْ يَمُوتَ رَجُلٌ ") بَدَلٌ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ فَإِنَّ لِقَاءَ الْعَبْدِ رَبَّهُ إِنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلِأَنَّكَ إِذَا قُلْتَ: إِنَّ أَعْظَمَ الذُّنُوبِ عِنْدَ اللَّهِ مَوْتُ الرَّجُلِ (" وَعَلَيْهِ دَيْنٌ ") اسْتَقَامَ. وَرَجُلٌ مُظْهِرٌ أُقِيمَ مَقَامَ ضَمِيرِ الْعَبْدِ، وَفَائِدَةُ ذِكْرِ الْعَبْدِ أَوَّلًا اسْتِبْعَادُ مُلَاقَاةِ مَالِكِهِ وَرَبِّهِ بِهَذَا الشَّيْنِ، ثُمَّ إِعَادَتُهُ بِلَفْظِ رَجُلٍ وَتَنْكِيرُهُ تَحْقِيرًا لِشَأْنِهِ وَتَوْهِينًا لِأَمْرِهِ.

قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَإِنْ قُلْتَ: قَدْ سَبَقَ أَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ مَبْنَاهَا عَلَى الْمُسَاهَلَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ فِي قَوْلِهِ: " «يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْنَ» ، وَهَاهُنَا جَعَلَهُ دُونَ الْكَبَائِرِ فَمَا وَجْهُ التَّوْفِيقِ؟ قُلْتُ: قَدْ وَجَّهْنَاهُ أَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ تَحْذِيرًا وَتَوَقِّيًا عَنِ الدَّيْنِ وَهَذَا مُجْرًى عَلَى ظَاهِرِهِ اهـ وَجُمْلَةُ وَعَلَيْهِ دِينٌ حَالٌ وَقَوْلُهُ: (" لَا يَدَعُ لَهُ قَضَاءً ") صِفَةٌ لِدَيْنٍ أَيْ لَا يَتْرُكُ لِذَلِكَ الدَّيْنِ مَالًا يُقْضَى بِهِ، وَفِيهِ التَّحْذِيرُ عَنْ كَثْرَةِ التَّدَيُّنِ وَالتَّقْصِيرِ فِي أَدَائِهِ، قَالَ الْمُظْهِرُ: " فِعْلُ الْكَبَائِرِ عِصْيَانُ اللَّهِ - تَعَالَى - وَأَخْذُ الدَّيْنِ لَيْسَ بِعِصْيَانٍ بَلِ الِاقْتِرَاضُ وَالْتِزَامُ الدَّيْنِ جَائِزٌ، وَإِنَّمَا شَدَّدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَتْرُكْ مَا يَقْضِي دَيْنَهُ كَيْلَا تَضِيعَ حُقُوقُ النَّاسِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: " يُرِيدُ أَنَّ نَفْسَ الدَّيْنِ لَيْسَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ، كَمَا وَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِسَبَبٍ عَارِضٍ مِنْ تَضْيِيعِ حُقُوقِ النَّاسِ بِخِلَافِ الْكَبَائِرِ فَإِنَّهَا مَنْهِيَّةٌ لِذَاتِهَا. (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>