(اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ) أَيْ مِنْ أَنْوَاعِهِ (وَالْفَقْرِ) أَيْ فِتْنَتِهِ أَوْ فَقْرِ الْقَلْبِ الْمُؤَدِّي إِلَى كُفْرَانِ النِّعْمَةِ، وَفِي اقْتِرَانِهِ بِالْكُفْرِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا وَرَدَ: كَادَ الْفَقْرُ أَنْ يَكُونَ كُفْرًا، حَيْثُ لَمْ يَكُنْ رَاضِيًا بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ وَشَاكِرًا لِمَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ (وَعَذَابِ الْقَبْرِ) أَيِ الَّذِي مَنْشَأُهُ الْكُفْرُ وَالْكُفْرَانُ (فَكُنْتُ أَقُولُهُنَّ) أَيْ تَقْلِيدًا لِأَبِي (فَقَالَ أَيْ بُنَيَّ) بِفَتْحِ الْيَاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَكَسْرِهَا وَالتَّصْغِيرُ لِلشَّفَقَةِ (عَمَّنْ أَخَذْتَ هَذَا) أَيْ هَذَا الدُّعَاءَ، وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْأَلْيَقَ لِلسَّالِكِ أَنْ يَدْعُوَ بِالدَّعَوَاتِ الْمَأْثُورَةِ وَلَمْ يَخْتَرِعْ مِنْ عِنْدِهِ (قُلْتُ عَنْكَ) أَيْ أَخَذْتُهُ (قَالَ) تَرْقِيَةً لَهُ مِنَ الْمَقَامِ الْأَدْنَى إِلَى الْمَرْتَبَةِ الْأَعْلَى، وَتَنْبِيهًا لَهُ عَلَى تَحْصِيلِ السَّنَدِ إِلَى رَسُولِ الْمَوْلَى (إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُهُنَّ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ) بِضَمِّ الدَّالِّ الْمُهْمَلَةِ عَلَى اللُّغَةِ الْمَشْهُورَةِ وَالرِّوَايَةِ الْمَعْرُوفَةِ، وَقَالَ أَبُو عُمَرَ الْمُطَرِّزِيُّ: دَبُرُ كُلِّ شَيْءٍ بِفَتْحِ الدَّالِّ ; أَيْ آخِرُ أَوْقَاتِهِ مِنَ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا قَالَ وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ، وَأَمَّا الْجَارِحَةُ فَبِالضَّمِّ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ نَقْلًا عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ: دُبُرُ الشَّيْءِ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ آخِرُ أَوْقَاتِهِ وَالصَّحِيحُ الضَّمُّ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْجَوْهَرِيُّ وَآخَرُونَ غَيْرَهُ، كَذَا نَقَلَهُ مِيرَكُ، وَفِي الْقَامُوسِ: الدُّبُرُ بِالضَّمِّ وَبِضَمَّتَيْنِ نَقِيضُ الْقُبُلِ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ عَقِبُهُ وَمُؤَخِّرُهُ (رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ إِلَّا أَنَّهُ) أَيِ التِّرْمِذِيَّ (لَمْ يَذْكُرْ لِي دُبُرَ الصَّلَاةِ وَرَوَى أَحْمَدُ لَفْظَ الْحَدِيثِ) أَيْ دُونَ الْقِصَّةِ (وَعِنْدَهُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ) وَفِي الْحِصْنِ أَنَّهُ رَوَى الْحَاكِمُ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ السُّنِّيِّ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُمْ رَوَوُا الْقِصَّةَ أَمْ لَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute