للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

٢٣٣٩ - وَعَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ.

ــ

٢٣٣٩ - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " وَمَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ) أَيْ: عِنْدَ صُدُورِ مَعْصِيَةٍ وَظُهُورِ بَلِيَّةٍ، أَوْ مَنْ دَاوَمَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ فِي كُلِّ نَفَسٍ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، وَلِذَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا» " رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ صَحِيحٍ، (جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ) أَيْ: شَدَّةٍ وَمِحْنَةٍ (فَرَجًا) أَيْ: طَرِيقًا وَسَبَبًا يُخْرِجُ إِلَى سِعَةٍ وَمِنْحَةٍ، وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِهِ وَقُدِّمَ عَلَيْهِ لِلِاهْتِمَامِ وَكَذَا، (وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ) أَيْ: لَا: هَمٌّ يُهِمُّهُ (فَرَجًا) أَيْ: خَلَاصًا (وَرَزَقَهُ) أَيْ: حَلَالًا طَيِّبًا (مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) أَيْ: لَا يَظُنُّ وَلَا يَرْجُو وَلَا يَخْطُرُ بِبَالِهِ، وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى قَوْلِ الصُّوفِيَّةِ أَنَّ الْمَعْلُومَ شُؤْمٌ، وَلَعَلَّهُ لِتَعَلُّقِ الْقَلْبِ إِلَيْهِ وَالِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ، ولَا يَنْبَغِي التَّعَلُّقُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَالتَّوَكُّلِ عَلَى الْحَيِّ الْمُطْلَقِ، وَالْحَدِيثُ مُقْتَبَسٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا - وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: ٢ - ٣] فَتَأَمَّلْ فِي الْآيَةِ فَإِنَّ فِيهَا كُنُوزًا مِنَ الْأَنْوَارِ وَرُمُوزًا مِنَ الْأَسْرَارِ، وَالْحَدِيثُ إِمَّا تَسْلِيَةٌ لِلْمُذْنِبِينَ، فَنَزَلُوا مَنْزِلَةَ الْمُتَّقِينَ، أَوْ أَرَادَ بِالْمُسْتَغْفِرِينَ التَّائِبِينَ، فَهُمْ مِنَ الْمُتَّقِينَ، أَوْ لِأَنَّ الْمُلَازِمَيْنِ لِلِاسْتِغْفَارِ لَمَّا حَصَلَ لَهُمْ مَغْفِرَةُ الْغَفَّارِ، فَكَأَنَّهُمْ مِنَ الْمُتَّقِينَ. قَالَ الطِّيبِيُّ: مَنْ " دَاوَمَ الِاسْتِغْفَارَ " وَأَقَامَ بِحَقِّهِ كَانَ مُتَّقِيًا وَنَاظِرًا إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا - يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: ١٠ - ١١] الْآيَةَ. رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَجُلًا شَكَا إِلَيْهِ الْجَدْبَ فَقَالَ: اسْتَغْفِرِ اللَّهَ، وَشَكَا إِلَيْهِ آخَرُ الْفَقْرَ، وَآخَرُ قِلَّةَ النَّسْلِ، وَآخَرُ قِلَّةَ رِيعِ أَرْضِهِ، فَأَمَرَهُمْ كُلَّهُمْ بِالِاسْتِغْفَارِ ; فَقِيلَ لَهُ: شَكَوْا إِلَيْكَ أَنْوَاعًا، فَأَمَرْتَهُمْ كُلَّهُمْ بِالِاسْتِغْفَارِ، فَتَلَا الْآيَةَ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ) : وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>