للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

١٥٥٥ - وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " «مَنِ اشْتَكَى مِنْكُمْ شَيْئًا أَوِ اشْتَكَاهُ أَخٌ لَهُ، فَلْيَقُلْ: رَبُّنَا اللَّهُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ، تَقَدَّسَ اسْمُكَ، أَمْرُكَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، كَمَا رَحْمَتُكَ فِي السَّمَاءِ، فَاجْعَلْ رَحْمَتَكَ فِي الْأَرْضِ، اغْفِرْ لَنَا حُوبَنَا وَخَطَايَانَا، أَنْتَ رَبُّ الطَّيِبِينَ، أَنْزِلْ رَحْمَةً مِنْ رَحْمَتِكَ، وَشِفَاءً مِنْ شِفَائِكَ، عَلَى هَذَا الْوَجَعِ فَيَبْرَأُ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

ــ

١٥٥٥ - (وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " مَنِ اشْتَكَى) أَيْ: شَكَا. (مِنْكُمْ شَيْئًا) أَيْ: مِنَ الْوَجَعِ. (أَوِ اشْتَكَاهُ) : الضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَى. (شَيْئًا) . (أَخٌ لَهُ، فَلْيَقُلْ) أَيِ: الْمُشْتَكِي أَوْ أَخُوهُ الْعَائِدُ. (رَبُّنَا اللَّهُ) : قَالَ زَيْنُ الْعَرَبِ: فِي النُّسَخِ بِالرَّفْعِ، وَفِي شَرْحٍ قَالَ: إِنَّهُ بِالنَّصْبِ، وَاللَّهُ بَدَلٌ مِنْهُ. (الَّذِي) : صِفَةٌ مُوَضِّحَةٌ. (فِي السَّمَاءِ) أَيْ: رَحْمَتُهُ، أَوْ أَمْرُهُ، أَوْ مُلْكُهُ الْعَظِيمُ، أَوِ الَّذِي مَعْبُودٌ فِي السَّمَاءِ كَمَا أَنَّهُ مَعْبُودٌ فِي الْأَرْضِ. قَالَ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: ٨٤] ، وَهَذَا مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى تَنْزِيهِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ ظَاهِرِهِ الْمُوهِمِ لِلْمَكَانِ وَالْجِهَةِ. (تَقَدَّسَ اسْمُكَ) : وَفِي نُسْخَةٍ: أَسْمَاؤُكَ أَيْ: تَطَهَّرْتَ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِكَ. قَالَ الطِّيبِيُّ: رَبُّنَا: مُبْتَدَأٌ، اللَّهُ: خَبَرُهُ، الَّذِي: صِفَةٌ مَادِحَةٌ عِبَارَةٌ عَنْ مُجَرَّدِ الْعُلُوِّ وَالرِّفْعَةِ ; لِأَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنِ الْمَكَانِ، وَمِنْ ثَمَّةَ نَزَّهَ اسْمَهُ عَمَّا لَا يَلِيقُ ; فَيَلْزَمُ مِنْهُ تَقْدِيسُ الْمُسَمَّى بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. (أَمْرُكَ) أَيْ: مُطَاعٌ. (فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) : قَالَ الطِّيبِيُّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا} [فصلت: ١٢] أَيْ: مَا أَمَرَ بِهِ فِيهَا وَدَبَّرَهَا مِنْ خَلْقِ الْمَلَائِكَةِ وَالنَّيِّرَاتِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. (كَمَا رَحْمَتُكَ فِي السَّمَاءِ) : " مَا " كَافَّةٌ مُهَيِّئَةٌ لِدُخُولِ الْكَافِ عَلَى الْجُمْلَةِ. فِي الْفَائِقِ: الْأَمْرُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، لَكِنَّ الرَّحْمَةَ شَأْنُهَا أَنْ تَخُصَّ بِالسَّمَاءِ دُونَ الْأَرْضِ، لِأَنَّهَا مَكَانُ الطَّيِّبِينَ الْمَعْصُومِينَ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَلِذَلِكَ أَتَى بِالْفَاءِ الْجَزَائِيَّةِ، بِالتَّقْدِيرِ: إِذَا كَانَ ذَلِكَ. (فَاجْعَلْ رَحْمَتَكَ فِي الْأَرْضِ) أَيْ: فِي أَهْلِهَا. (اغْفِرْ لَنَا حُوبَنَا) : بِضَمِّ الْحَاءِ وَتُفْتَحُ أَيْ: ذَنْبَنَا. (وَخَطَايَانَا) أَيْ: كَبَائِرَنَا وَصَغَائِرَنَا، وَعَمْدَنَا وَخَطَأَنَا. (أَنْتَ رَبُّ الطَّيِّبِينَ) أَيْ: مُحِبُّهُمْ وَمُتَوَلِّي أَمْرِهِمْ، وَالْإِضَافَةُ تَشْرِيفِيَّةٌ، وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ الْمُطَهَّرُونَ مِنَ الشِّرْكِ، أَوِ الْمُتَّقُونَ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ الْأَفْعَالَ الدَّنِيَّةَ، وَالْأَقْوَالَ الرِّدِيَّةَ. (أَنْزِلْ رَحْمَةً) أَيْ: عَظِيمَةً. (مِنْ رَحْمَتِكَ) أَيِ: الْوَاسِعَةِ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ. قَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا إِلَى آخِرِهِ تَقْرِيرٌ لِلْمَعْنَى السَّابِقِ. (وَشِفَاءً) أَيْ: عَظِيمًا. (مِنْ شِفَائِكَ) أَيْ: مِنْ جُمْلَتِهِ وَهُوَ تَخْصِيصٌ بَعْدَ تَعْمِيمٍ. (عَلَى هَذَا الْوَجَعِ) : بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: اللَّامُ فِي الْوَجَعِ لِلْعَهْدِ، وَهُوَ مَا يَعْرِفُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>