١٠٥١ - وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: وَقَدْ صَعِدَ عَلَى دَرَجَةِ الْكَعْبَةِ: مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي، وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي فَأَنَا جُنْدُبٌ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " «لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ إِلَّا بِمَكَّةَ، إِلَّا بِمَكَّةَ، إِلَّا بِمَكَّةَ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرَزِينٌ
ــ
١٠٥١ - (وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ) أَيْ: أَبُو ذَرٍّ (وَقَدْ صَعِدَ) : حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ (قَالَ) أَيْ طَلَعَ أَبُو ذَرٍّ (عَلَى دَرَجَةِ الْكَعْبَةِ) : الدَّرَجَةُ بِفَتْحَتَيْنِ هِيَ الْآنَ خَشَبٌ يُلْصَقُ لِبَابِ الْكَعْبَةِ لِيَرْقَى فِيهِ إِلَيْهَا مَنْ يُرِيدُ دُخُولَهَا، فَإِذَا قُفِلَتْ حُوِّلَ لِمَحَلٍّ آخَرَ قَرِيبٍ مِنَ الطَّوَافِ بِجَنْبِ زَمْزَمَ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ كَذَلِكَ، وَمُحْتَمَلٌ أَنْ يَكُونَ بِكَيْفِيَّةٍ أُخْرَى، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالدَّرَجَةِ عَتَبَةَ الْكَعْبَةِ. (مَنْ عَرَفَنِي) أَيْ: بِاسْمِي (فَقَدْ عَرَفَنِي) : بِوَصْفِي أَيْ صَدَّقَ لَهْجَتِي، إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَقِّهِ: " «مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ وَلَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ أَصْدَقَ لَهْجَةً مِنْ أَبِي ذَرٍّ» ". (وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي فَأَنَا جُنْدُبٌ) : بِضَمِّ الدَّالِ وَيُفْتَحُ، قَالَ الطِّيبِيُّ: اتِّحَادُ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ لِلْإِشْعَارِ بِشُهْرَةِ صِدْقِ لَهْجَتِهِ، وَالشَّرْطِيَّةُ الثَّانِيَةُ تَسْتَدْعِي مُقَدَّرًا أَيْ: وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي فَلْيَعْلَمْ أَنِّي جُنْدُبٌ. (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ) أَيْ: بَعْدَ فَرْضِ الصُّبْحِ (حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ) أَيْ: فَرْضُهُ (حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ إِلَّا بِمَكَّةَ، إِلَّا بِمَكَّةَ، إِلَّا بِمَكَّةَ) : ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لِلتَّأْكِيدِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْمَرَّتَانِ الْأَخِيرَتَانِ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَوْ مِنْ قَوْلِ أَبِي ذَرٍّ (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرَزِينٌ) .
قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَهُوَ مَعْلُولٌ بِأَرْبَعَةِ أُمُورٍ: انْقِطَاعِ مَا بَيْنَ مُجَاهِدٍ وَأَبِي ذَرٍّ، فَإِنَّهُ الَّذِي يَرْوِيهِ عَنْهُ ; وَضَعْفِ ابْنِ الْمُؤَمَّلِ، وَضَعْفِ حُمَيْدٍ مَوْلَى عَفْرَاءَ، وَاضْطِرَابِ سَنَدِهِ. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَأُدْخِلَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ بَيْنَ حُمَيْدٍ هَذَا وَبَيْنَ مُجَاهِدٍ، وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ فَأَسْقَطَهُ مِنَ الْبَيْنِ، انْتَهَى. وَاعْتَرَفَ ابْنُ حَجَرٍ بِأَنَّ سَنَدَهُ ضَعِيفٌ، لَكِنْ قَالَ: إِنَّهُ مُؤَيَّدٌ بِحَدِيثِ: (يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ) وَفِيهِ أَنَّ حَدِيثَهُمْ مُؤَوَّلٌ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَمْنَعُونَ النَّاسَ عَنِ الطَّوَافِ وَالصَّلَاةِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ عَلَى حَسَبِ أَغْرَاضِهِمُ الْفَاسِدَةِ ; فَسَدَّ هَذَا الْبَابَ عَلَيْهِمْ، وَأَطْلَقَ الْحُكْمَ مِنْ جِهَتِهِمْ وَإِنْ كَانَتِ الصَّلَاةُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ مَكْرُوهَةً لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْهَا، وَلِذَا أَضَافَ الْحُكْمَ إِلَيْهِمْ، وَخَصَّهُمْ بِالْخِطَابِ عَلَى وَجْهِ الْعِتَابِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute