" الْفَصْلُ الثَّانِي "
٧١٥ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ» ) ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
ــ
٧١٥ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ» ) ، يُرِيدُ: مَا بَيْنَ مَشْرِقِ الشَّمْسِ فِي الشِّتَاءِ، وَهُوَ مَطْلَعُ قَلْبِ الْعَقْرَبِ، وَمَغْرِبِ الصَّيْفِ وَهُوَ مَغْرِبُ السِّمَاكِ الرَّامِحِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا قِبْلَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَأَنَّهَا وَاقِعَةٌ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَهِيَ إِلَى طَرَفِ الْغَرْبِيِّ أَمِيلُ قَالَهُ الطِّيبِيُّ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: ( «إِذَا أَتَيْتُمُ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا» ) ، قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَهَذَا الْحَدِيثُ يُرِيدُ الْقَوْلَ بِالْجِهَةِ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَبِهِ أَخَذَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَاخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ، بَلْ بَالَغَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ، فَزَعَمَ أَنَّ خِلَافَهُ بَاطِلٌ قَطْعًا، وَاسْتَدَلَّ بِالْخَبَرِ الْمَذْكُورِ، وَبِأَنَّهُ صَحَّ عَنْ عُمَرَ، وَهُوَ لَا يَقُولُ إِلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ، وَأَجَابَ أَصْحَابُنَا: بِحَمْلِ الْخَبَرِ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ دَانَاهُمْ ; لِأَنَّ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَيْسَ قِبْلَةً عَلَى الْإِطْلَاقِ قَطْعًا فَتَعَيَّنَ حَمْلُهُ عَلَى مَنْ ذَكَرَهُ اهـ.
وَفِيهِ بَحْثٌ لَا يَخْفَى، وَقِيلَ: إِنَّهُ أَرَادَ بِهِ قِبْلَةَ مَنِ اشْتُبِهَ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ، فَعَلَى أَيِّ جِهَةٍ صَلَّى بِالِاجْتِهَادِ كَفَتْهُ، قَالَ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: ١١٥] ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ مِنْهُ الْمُتَنَقِّلُ عَلَى الدَّابَّةِ إِلَى أَيِّ جِهَةٍ، وَفِي الْقَوْلَيْنِ نَظَرٌ، إِذْ لَا وَجْهَ فِيهِمَا لِلتَّقْيِيدِ بِمَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَقَالَ الْمُظْهِرُ: يَعْنِي مَنْ جَعَلَ مِنْ أَهْلِ الْمَشْرِقِ أَوَّلَ الْمَغَارِبِ وَهُوَ مَغْرِبُ الصَّيْفِيِّ عَنْ يَمِينِهِ، وَآخِرَ الْمَشَارِقِ وَهُوَ مَشْرِقُ الشِّتَاءِ عَنْ يَسَارِهِ كَانَ مُسْتَقْبِلًا لِلْقِبْلَةِ، وَالْمُرَادُ بِأَهْلِ الْمَشْرِقِ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَبَغْدَادَ وَخُوزِسْتَانَ وَفَارِسَ وَعِرَاقَ وَخُرَاسَانَ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْبِلَادِ، (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) : مَنْ طُرُقٍ وَصَحَّحَهَا، وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَأَقَرَّهُ الذَّهَبِيُّ، قَالَهُ مِيرَكُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute