٦٩٧ - وَعَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا، بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٦٩٧ - (وَعَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا) : أَيْ مَعْبَدًا، فَيَتَنَاوَلُ مَعْبَدَ الْكَفَرَةِ فَيَكُونُ لِلَّهِ لِإِخْرَاجِ مَا بَنَى مَعْبَدًا لِغَيْرِ اللَّهِ قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ. وَالْأَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ الْمَسْجِدُ عَلَى بَابِهِ وَيَكُونَ لِلَّهِ لِإِخْرَاجِ مَا بُنِيَ لِلرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ، وَلِذَا قِيلَ: مَنْ كَتَبَ اسْمَهُ عَلَى بِنَائِهِ دَلَّ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى عَدَمِ إِخْلَاصِهِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهُوَ ظَاهِرٌ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِكِتَابَةِ اسْمِهِ نَحْوَ الدُّعَاءِ وَالتَّرَحُّمِ، وَفِيهِ: أَنَّ الدُّعَاءَ وَالتَّرَحُّمَ يَحْصُلُ مُجْمَلًا وَمُبْهَمًا، فَلَا يُحْتَاجُ تَعْيِينٌ إِلَى الِاسْمِ (بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا) : وَفِي نُسْخَةٍ زِيَادَةُ: مِثْلَهُ (فِي الْجَنَّةِ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: التَّنْكِيرُ فِي (مَسْجِدًا) لِلتَّقْلِيلِ، وَفِي (بَيْتًا) لِلتَّكْثِيرِ وَالتَّعْظِيمِ لِيُوَافِقَ مَا وَرَدَ: (مَنْ بَنَى لِلَّهِ وَلَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ) الْحَدِيثَ اهـ.
قُلْتُ: وَلِيَكُونَ إِشَارَةً إِلَى زِيَادَةِ الْمَثُوبَةِ كَمِّيَّةً وَكَيْفِيَّةً ; لِئَلَّا يَرِدَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: ١٦٠] قَالَ صَاحِبُ الرَّوْضَةِ فِي فَتَاوِيهِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بَيْتًا فَضْلُهُ عَلَى بُيُوتِ الْجَنَّةِ كَفَضْلِ الْمَسْجِدِ عَلَى بُيُوتِ الدُّنْيَا، وَأَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ مِثْلَهُ فِي مُسَمَّى الْبَيْتِ، وَأَمَّا الصِّفَةُ فِي السَّعَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، كَذَا نَقَلَهُ السَّيِّدُ عَنِ الْأَزْهَارِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا: بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ، وَفِي أُخْرَى لِلْبُخَارِيِّ: (مَنْ بَنَى مَسْجِدًا) . قَالَ بُكَيْرٌ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: (يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ) . وَرَوَى أَحْمَدُ خَبَرَ: ( «مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ لِبَيْضِهَا، بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» ) . وَابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ: ( «مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ أَوْ أَصْغَرَ، بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» ) . وَأَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ أَيْضًا، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ. قَالَ الذَّهَبِيُّ: وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَمَفْحَصُ الْقَطَاةِ: بِفَتْحِ الْمِيمِ مَحَلٌّ تَبْحَثُهُ بِرِجْلِهَا وَتُصْلِحُهُ لِتَبِيضَ بِهِ بِالْأَرْضِ، مَأْخُوذٌ مِنَ الْفَحْصِ وَهُوَ الْبَحْثُ، وَلَوْ هُنَا لِلتَّقْلِيلِ كَمَا أَثْبَتَهُ مِنْ مَعَانِيهَا ابْنُ هِشَامٍ الْخَضْرَاوِيُّ، وَجَعَلَ مِنْهُ: ( «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» ) .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّقْلِيلَ مُسْتَفَادٌ مِنْ بَعْدِ (لَوْلَا) مِنْ (لَوْ) قُلْتُ: الْأَظْهَرُ أَنَّ الِاسْتِفَادَةَ مِنْ بَعْدِ لَوْ لَكِنْ بِإِعَانَةِ لَوْ، فَإِنَّ الْكَلَامَ بِدُونِهَا لَا يُفِيدُ الْإِفَادَةَ الَّتِي مَعَهَا، وَالتَّقْلِيلُ هُنَا يَحْصُلُ بِأَدْنَى زِيَادَةٍ فِي مَسْجِدٍ تَنْزِيلًا لِتَتْمِيمِهِ مَنْزِلَةَ ابْتِدَائِهِ حَمْلًا لِلنَّاسِ عَلَى ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمُبَالَغَةُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: (مِثْلَهُ) فَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْمِثْلِيَّةُ بِحَسَبِ الْكِمِّيَّةِ، وَالزِّيَادَةُ بِحَسَبِ الْكَيْفِيَّةِ، فَكَمْ مِنْ بَيْتٍ خَيْرٌ مِنْ مِائَةِ بَيْتٍ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ مِثْلُهُ فِي الِاسْمِ لَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute